المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أجل النمو المعرفي المنشود حرروا الطلاب من «الثابت»



حمود العنزي
04-16-2006, 08:50 AM
صدر في العدد 13809 من جريدة الرياض يوم السبت 17 ربيع الأول 1427هـ - 15 أبريل 2006م مقال للدكتور ظافر القرني بعنوان "من أجل النمو المعرفي المنشود حرروا الطلاب من «الثابت» (http://www.alriyadh.com/2006/04/15/article146557.html)" ولكن بدون النماذج في النسخة الالكترونية، ولأهمية الموضوع أحببت أن تطلعوا علية بعد أن قمت بإضافة النماذج من النسخة الورقية.

أ. د. ظافر بن علي القرني

لكي تكون الأمَّة أمّة معرفة تؤول بها إلى تقنية راشدة مزدهرة، لا بدّ أن تعي الأسس العلميّة التي بنيت التقنيّة الرَّاهنة عليها. إذا لم تع ذلك، كانت، في أفضل الأحوال، أمّة مستخدمة لما ينتجه غيرها؛ وعندئذ يصبح همّها الوحيد هو كيف يمكن متابعة كلّ جديد، من أجل توظيفه التّوظيف المناسب فقط؛ أمَّا فهمه، وإنتاجه، فمسائل مناطة بقوم آخرين، في أماكن أخرى من هذا العالم الفسيح.
يبدو أنَّ الخلل التعليمي لدينا يكمن في عدم فهم بعض ما نتلقاه من معارف، لعدم فهم من يلقيها علينا لها. وحيث أنّ أنواع هذه المعارف أو المفاهيم لا حصر لها، نقتصر هنا على ما يُسمّى بالثابت في العلوم الرياضيّة والهندسيّة. ولن نتطرّق لكلّ ثابت، فالثَّوابت الرّياضية كثيرة جدًّا؛ لكنَّا سنأخذ أظهرها على الإطلاق، وهو «ط» الذي يدخل في حساب مساحة الدائرة ومحيطها، ويدخل في غيرها بطرق مباشرة، وغير مباشرة، ويتعلّمه الطالب قبل مغادرة المرحلة الابتدائية، ولا يخلو منه كتاب رياضي ولا هندسي في كلّ لغات الأرض. وما على من يطّلع على مقالنا هذا، إلاَّ النّظر إلى الثوابت الأخرى في معارفه، من منظورٍ كهذا الّذي نقدّمه هنا، ليكتشف بوادر العجز المعرفي الذي يعاني منه الإنسان في أمّتنا.

لقد قررت منذ أن عدتُ من البعثة، قبل ما يزيد عن عقد من الزّمان، أن أسأل طلاّبي في بداية كلّ مقررٍ جديد هذا السؤال: «إذا كانت: مساحة الدائرة = ط نق2، فما هي ط وكيف عُلمت أو كيف حسِبت؟

وقد كنت أحرص على سؤالهم هذا السؤال ولا أتركه إلاَّ أن أنسى، وقلّما يحدث ذلك. فكانت تأتيني الأوراق مختلفة متباينة، يجمعها كلّها الجهل بالإجابة الصحيحة. فمن الطّلاب من لا يكتب شيئًا في ورقته، ومنهم من يكتب هي ثابت، ومنهم من يقول هي النِّسبة التّقريبيّة، ومنهم من يبتكر مصطلحات جديدة من عنده، ومنهم من يأتي بإجابة فادحة. هذا هو طابع الإجابات في كلّ الأعوام. ولم يجب إجابة صحيحة، على مدى عشر سنوات، إلاَّ طالبان في عامين متباعدين. وعندما سألت كلاًّ منهما كيف عرفها؟ قال أحدهما: قرأتها في كتاب مسابقات ثقافيّة، وقال الآخر: قرأتها في مجلة علميّة. فأقول للطالب منهما: هل تعلمتها قبل ذلك من المدرسة ونسيتها؟ فيجيب بلا.

وإليكم بعض هذه النّماذج المختارة من الإجابات التي لا يتسع المجال لذكر الكثير منها.

النموذج الأول
http://www.gisclub.net/vb/uploaded/1111.jpg
لم يقل الطالب كيف عُلمت، وإنّما قال: إنَّها تدخل في الانحنائات(يريد الانحناءات) أو في الأقواس.


النموذج الثاني
http://www.gisclub.net/vb/uploaded/1112.jpg
يقول الطالب هنا: إن ط هو (ولم يقل هي) العدد الطبيعي، وأعطى قيمته، وقال إنَّه يدخل في عدّة حسابات. وقد علم من خلال دراسة كروية الأرض. فالطالب يرى ط خاصّةً بتخصصه وحده، فنظر إليها من خلال كروية الأرض.

النموذج الثَّالث
http://www.gisclub.net/vb/uploaded/1113.jpg
أخبرنا هذا الطّالب أنها ثابتة، وأعطى قيمتها، وأبحر كصاحبيه السابقين بعيدًا، وزاد عنهما بخطوط الطول وخطوط العرض.

النموذج الرَّابع
http://www.gisclub.net/vb/uploaded/1114.jpg
أما هذا الطالب فأتحفنا بموضوع جديد في حقله، هو الجاذبية الأرضيّة.

حمود العنزي
04-16-2006, 08:52 AM
النموذج الخامس
http://www.gisclub.net/vb/uploaded/1115.jpg
وهذا الطالب شطح إلى حساب الانحراف من الشمال، حسب تخصصه أيضًا.


النموذج السّادس
http://www.gisclub.net/vb/uploaded/1116.jpg
أما هذا الطالب فتذبذب بين عدة مفاهيم بعيدة، ثم قال: ط = هو (لم يقل هي) عبارة عن نسبة مبارية (قصده معياريّة) تسنحدم (يريد تستخدم) في بعض القوانين الهندسيّة لتغلب (قصده للتَّغلّب) على الخطأ المعياري.


هذه نماذج من إجابات طلاّب الهندسة المساحيّة الّذين هم من أقرب النّاس إلى ط، فكيف بغيرهم من الطّلاب في الكلّيات الأخرى؟ أمَّا طلاب المدارس الثانوية وما قبلها فهم في أمرٍ مريج، ولو سألناهم عن ط، لأتوا بعجائب تتناسب ومستوياتهم العلميّة والعقليّة. وقد جاء في كثيرٍ من الإجابات قول الطّلاب: هي «النّسبة التقريبيّة»، فهم لا يعلمون ما معنى «النسبة» هنا.

والسؤال الذي لا بدّ منه، على كلّ حال، هو: على من تقع مسؤوليّة هذه الإجابات الغريبة العجيبة في محتواها، وفي إملائها، وفي نحوها، وفي خطّها، الذي لا يليق أيّ منها بمن أخذ في المدرسة ست سنوات فقط؛ فما بالكم بمن هو على وشك إنهاء المرحلة الجامعيّة.

ومن المصادفات العجيبة، في هذا العام، أن سألني ابني الذي يدرس في الصف السادس الابتدائي عن ط؟ فقلت له: ط كارثة إلاّ إذا فُهمت. وأخذت كتابه الرّياضيات (طبعة 26 - 1427ه الفصل الثاني)، فإذا بي أجد في صفحة 12 منه هذه المعلومة.

وقد سُبقت هذه المعلومة في الكتاب بتجربةٍ شيّقةٍ، تثير انتباه الطالب، وتحفّزه على التّفاعل. قلت الحمد الله، يبدو أن الأجيال القادمة ستقترب من ط، إذا عُلّمت لها بطريقة منهجيّة سليمة كهذه. أوردت هذه الحقيقية، لكي لا نغمط أصاحب الجهود حقوقهم، وإن جاءت متأخّرة جدًّا.

والواقع، أنّني لا أعلم متى دخل شرح معنى ط إلى كتب الرياضايات عندنا بهذه الهيئة. فقد تكون هذه الطبعة هي أول نزلها، وقد تكون دخلت قبل ذلك بقليل؛ ولكنَّها في كلا الحالين مجهولة، ما لم تُعلّم للطالب بطريقة سليمة ميسّرة، تجعله يعيش لحظة اكتشاف هذه المعلومة، وتشجّعه على أن يبدع في مثلها. ولنفترض أنَّها لم ترد في الطّبعات القديمة - وقد يكون هذا هو الواقع - فالمسؤولية في كلّ الأحوال تقع على المعلّم، ومدرسته، ووزارته. فهو لا بدّ أن يعلّمها للطّلاب، فكيف لم يسأل نفسه من أين أتت؛ ثمّ يتعلّمها هو قبل أن يشرحها للطّلاّب، ولا عيب في ذلك.

وقد يقول قائل ما علاقة ط بالتقنيّة؟. فنقول لا يقول هذا القول إلاّ من لا يعرف ما معنى التقنيّة. ولو شرعنا في شرح معنى التَّقنيّة، لطال بنا المقام هنا؛ ولكنَّا نشير فقط، إلى فساد علاقة المرء بالتَّقنيّة، لفساد علاقته ب«ط». أليست ط مبنيّة على تجربة عمليّة مخبريّة؟ إن عدم معرفة الطالب بها، تجعله بعيدًا عن التّجربة العلميّة العمليّة التي تقوم عليها التّقنيّة. ولا شكّ إنَّ في إبعاد الطلاّب عن التّعلّم بالتّجربة، إقناعهم أن هذه المعلومة لا يعرفها إلاّ الرّاسخون في العلم، أمَّا هم فعليهم التّسليم بها؛ بل إنَّ من يسأل عنها منهم، يجشّم نفسه ما لا طاقة لها به. هذا هو الجو التّقني الذي يوجده المعلم في الفصل عندما تحل ط ضيفًا عليه وعلى طلاّبه. الآن، إسأل نفسك أيّها السائل: هل بقي للتّقنية الحقيقيّة من مجال لكي تقترب من أذهان الطّلاب، ودفاترهم؟

أشير هنا إلى أنَّ مشكلة ط هذه، قدّمتها في محاضرة عنوانها: «العناصر الوصفيّة لنظم المعلومات الجغرافيّة: رؤية هندسيّة مغايرة للمألوف»؛ بالنّدوة التّاسعة لأقسام الجغرافيا التي أقيمت في جامعة الملك سعود بالرياض من 27-29/2/1427هـ. وقد كانت بمثابة الفاجعة للحضور. ولم اختر جريدة الرياض لنشرها، إلاَّ لرعايتها الكريمة لتلك النّدوة؛ ولكون المعلومة منها تصل إلى القراء والمسؤولين أينما وجدوا. وإنّي آمل أن يمتدّ الوعي ب«ط» إلى كلّ البلدان العربيّة، فكثيرٌ من معلمي مدارسنا الأولى جاءوا منها، وبذلوا جهودًا مشكورة، لا يُنسى فضلها لهم.


أستاذ الهندسة المساحيّة ونظم المعلومات الجغرافية

جامعة الملك سعود. كلية الهندسة

عزيزة الشهري
04-16-2006, 09:44 AM
موضوع رائع جدا و اعجبت كثيرا به عندما طرحة الدكتور ظافر في الندوة فهو بالفعل مغاير للمؤلوف حيث خرج

عن الروتين الذي اعتدنا علية في مثل هذه اللقاءات .

ولكن بقدر ما كان الموضوع شيق إلا أنه محزن في الوقت ذاته عندما تعلم أن مستوى أجيالنا بهذا الشكل

من التدني و الآمبالاة ....

المهندس فهد الشهري
04-17-2006, 10:42 AM
عودنا الدكتور ظافر القرني على كل جديد ومفيد ....بل واحيانا خارج عن المألوف وداخل فيه وقد كان يوم السبت يوم حافل للدكتور ظافر ففي الصباح طالعتنا الصحف بهذا المقال الرائع الذي يحكي جزءا من واقع المعاناه الذي تعيشة العملية التعليمية .....وفي مساء اليوم ذاته اذ به في قناةا الاخبارية يحاور وينظر في حال جامعاتنا السعودية ومخرجاتها التعليمية وقد اجاد وأفاد وفقه الله ووفق الجميع

أ. د. ظافر بن علي القرني
05-17-2006, 05:35 PM
أشرت في موقع التقنية للمهندس فهد الرفاعي إلى مقال "ط" المنشور هنا؛ ولمعرفة المهندس الرفاعي بأبعاد هذه المسألة، فقد قرّر أن يجعله قضيّة الشّهر في موقعه. وقد دار حوار جميل بين من شاركوا في القضية هناك، ولا يزال، وأحببت أن أجعله بين يدي أعضاء نادينا هذا لنزيد التواصل، والتعارف عبر الأفكار البنّاءة التي عليها تقوم الأمم. هذا هو الرّابط في موقع التقنية (www.tkne.ne):

http://www.tkne.net/vb/showthread.php?t=11326

تحياتي


أ. د. ظافر بن علي القرني الأربعاء 19/4/1427هـ

سلطان الذيابي
02-22-2007, 10:29 PM
ليتك قبل ان تتهكم بطلابك بهذا الصراخ في كل المجالات سألت نفسك سؤالا : ( لماذا هذا الجهل )

وانني لاعتذر لجميع طلاب عن هذا الطريقة التي يذهب بها الاستاذ الى التشهير بطلابه وينحى عن الجهد في الحصول الى الحل .

نصيحة لوجه الله نعالي الى الدكتور ظافر ...

حدث من معلوماتك في مجال المساحة .... لان الكثير منها مازال يعاصر سنين مضت ولم يواكب معلومات الحاضر ...