المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالة اعجبتني للدكتورة هتون الفاسي



عبدالهادي حمد
04-24-2006, 01:16 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قرأت مقالة في جريدة الاقتصادية للدكتورة هتون الفاسي و احببت نقلها لكم

تسمية شوارع الرياض .. هل هي اختبار ذاكرة؟

تعاني تسمية شوارع مدينة الرياض من مشكلة متفاقمة تكرر الحديث فيها منذ زمن ويستفحل يوماً بعد يوم مع امتداد التوسع العمراني والبلدي. إن مشكلة التسمية تكمن في اتسامها بالتردد والعشوائية وافتقارها إلى حسن التخطيط والمنطق، وسأشرح ما أعنيه بذلك.
إن الغرض من تسمية الشوارع هو تيسير عملية الدلالة والتعرف على الوجهة المطلوبة، وهذا التعرف ضروري لعملية الاتصال وقضاء الحاجات وتنمية الخدمات العامة، إذ يتعلق باستقرار هذه الخدمة نجاح أداء خدمات البريد والمواصلات كطلب سيارات الأجرة إلى البيوت، توصيل الطلبات، وقبل كل ذلك تسهيل وصول الإسعاف والمطافئ إلى العناوين المقدمة في أسرع وقت. فلم يعد من المقبول في هذا العصر أن يتسبب عدم معرفة عنوان في امتداد حرائق أو احتضار مريض.
والمفترض في تسمية الشوارع أن تتبع منطقاً مقبولاً مثل التسلسل التاريخي، إبراز تاريخ منطقة ما، تتبع أسمائها الطبيعية جغرافياً، كما من المفترض فيها أن تكون قصيرة، سهلة القراءة، سهلة الحفظ، ومرتبطة بمحيط حيها. فكيف هو حال شوارع الرياض؟
قبل أن يبدأ مشروع تسمية الشوارع كان الناس يحلون مشاكل التوصيف وتحديد الأماكن بإطلاقهم أسماء محلية كما هو المعتاد تاريخياً في كل المدن، وهي التي تعتمدها البلديات عادةً وتثبتها. فتسمى الشوارع باسم أشهر سكانها أو بمن رصفها أو سفلتها، أو بعرضها إن كان ثلاثين أو أربعين أو ستين وهكذا، أو بأشهر معالمها كالخزان والاتصالات والعصارات والضباب (؟) وغيرها، أو بالوجهة التي تصل إليها كطريق مكة، الدمام، خريص، القصيم، وهكذا.
وكانت هذه الأسماء معتمدة في صكوك البيع والشراء، وإن كانت إدارة البريد لا تقيم لها وزناً وتفضل أن يأتيها الناس لبريدهم، وعندما أرادت أن تبدي عصرنة قامت بوضع صناديق بريد على الأبواب بترقيم جديد لا صلة له بترقيم البلدية، وهذا موضوع آخر، ولنعد إلى موضوعنا، ما الذي حدث عندما قررت بلدية الرياض أن تسمي الشوارع والأحياء؟
بدأت عملية تسمية الشوارع تطبق في الرياض في الثمانينيات الميلادية أي من نحو 25 عاماً. ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم طرأت تغيرات شاسعة على الرياض كمدينة، وكذلك على تسمية الشوارع والمناطق، ووصلنا إلى اليوم الذي نجد فيه خريطة للرياض نستطيع بها أن نستطلع موقعنا على الأرض.
لقد وضعت بلدية الرياض معظم التسميات القديمة والشعبية والمشهورة جانباً ثم أخرجت من كتب التاريخ التي لم تمر علينا أسماء غريبة وأخذت تطلقها على تلك الشوارع، وكأنها كلفت لجنة من الخبراء الأجانب وهم قابعون في غرفهم المكيفة في أحد منتجعات العالم وأمامهم مخططات لشوارع من غير أسماء وقائمة أسماء من غير شوارع، وتقع القرعة على كل شارع هو وحظه وكل اسم وحظه وكل حي وحظ سكانه.
وحتى بعد اختيار أسماء الشوارع الغريبة عن الحي ومحاولة أهل الحي التأقلم معها يتم تغييرها بعد عدة أعوام لسبب غير معلوم، كما نجد في أحياء في الملز: آخر شارع جرير، والعليا: بين طريق الملك فهد والعليا العام، أو أسماء الشوارع الكبرى كطريق الملك فهد وطريق مكة وطريق الإسلام الذي لم نعد نعرف أين يقع.
فمن الشوارع المعروفة بأسمائها القديمة ولها أسماء جديدة شارع الوزير الذي أطلق عليه اسم شارع الملك فيصل، شارع التلفزيون الذي أصبح يدعى شارع عمرو بن العاص، شارع الخزان الذي يسمى الآن شارع الإمام فيصل بن تركي بن عبد الله، وغيرها كثير. ولا ندري ما الغرض من تغيير أسماء هذه الشوارع إلى أسماء أخرى. ومما يصعب أمر الجغرافيا التاريخية، أن التغيير يجري دون الإشارة إلى اسم الشارع السابق كما هو المتعارف عليه في كل بلاد العالم، وكأن الاسم الجديد هو الاسم المطلق على الشارع.
كما قلنا إن من المفترض في أسماء الشوارع أن تكون قصيرة وقابلة للقراءة والحفظ وذات نسق منطقي، فكيف يكون ذلك بأسماء ثلاثية وأحياناً رباعية ومتشابهة وتتعاقب في شارع تلو الآخر، وأقرب مثال على ذلك شارع الخزان القديم الذي أطلق عليه اسم الإمام فيصل بن تركي بن عبد الله، ويليه جنوباً شارع الإمام تركي بن عبد الله بن محمد (وهو شارع الشميسي سابقاً الذي يوصل إلى مستشفى الشميسي)، أو شارع ليلى الأخيلية سابقاً والذي يطلق عليه الآن شارع المهندس مساعد العنقري وأصبح يتقاطع مع شارع الشيخ عبدالله العنقري، فبالله عليكم يا بلدية الرياض كيف تحفظون هذه الأسماء ويمكنكم أن تميزوا بين شارعين كلاهما يحمل اسمين متشابهين من الأسماء الثلاثة التي تكوّن اسم الشارع ويقعان واحداً تلو الآخر أو يتقاطع أحدهما مع الآخر؟
وسوف أترك بقية الأمثلة إلى الأسبوع المقبل، آملة أن تتابع البلدية والمجلس البلدي الجديد هذه القضية الحيوية.

عبدالهادي حمد
04-24-2006, 01:26 AM
تسمية شوارع الرياض.. والقومية العربية
أسعدني أن وجد مقال الأسبوع الماضي الخاص بتسمية شوارع الرياض صدى كبيراً بين القراء والقارئات، وانهالت الاقتراحات والتأييدات وأيضاً الأمثلة المؤيدة للمظاهر التي ذكرتها آنفاً، ولا سيما تلك التي لا تراعي ضرورة أن تتصف الأسماء بوضوح الدلالة والاختصار لإمكان القراءة السريعة أثناء قيادة السيارة وحتى لا تستغرق السائق قراءة لوحة ما تفويته للمخرج المقصود أو دعمه للسيارة التي أمامه. حسناً، لأنتقل إلى قضية أخرى.
تظهر مشكلة أخرى في تسمية الشوارع الصغيرة في الأحياء تدل على أن المخطِط ليست لديه دراية كافية بتخطيط المدن أو بعلم تسمية الشوارع. ففي مربع واحد يطلق على خمسة شوارع فرعية أسماء مختلفة لوديان: فوادي رخام، وادي الزرقاء، وادي ركبة ووادي السرح ووادي الرمة وعدد منها يتقاطع مع بعضه البعض، وأغرب ما في الأمر أن أطول أودية السعودية وهو وادي الرمة لا يصل طوله إلى أكثر من عشرة أمتار، أقصر الشوارع في هذا المربع. هذا فضلاً عن أن هذه ليست أسماء تاريخية مرتبطة بجغرافية المنطقة فهي لها واديها الذي يمكن إطلاقه بحق وبشكل أفضل توزيعاً. ومثال آخر على سوء توزيع الأسماء شارعان في حي السلامة في شرق الرياض يدعى أحدهما شارع رذاذ ويتقاطع مع شارع أبي الرزراز. لا تعليق أو لأعلق، ففضلاً عن التشابه في النطق بين الاسمين نجد أن أحدهما اسم ظاهرة طبيعية والثاني لشخصية لا ندري من هي. وقد وصلتني من القراء دعوة لتتبع أسماء الشوارع في شرقي الرياض من كثرة التناقضات التي تحملها أو لا يوجد لها أصل أو معنى، ذُكرت لي "الديلبة".
وهناك بعض الشوارع التي تستمر إلى الجهة الأخرى من الخط السريع أو جهة أخرى من مبنى ما بينما شوارع أخرى تتغير أسماؤها بمجرد أن تقاطعت مع شارع رئيسي. فعلى سبيل المثال هناك شارعا الأمير سلطان بن عبد العزيز والأمير تركي بن عبد العزيز الثاني اللذان يمتدان من غرب طريق الملك فهد ويستمران بعد ذلك في شرقه دون وجود إشارة تقاطع تبرر استمراره، بينما شارع الخزان المذكور سابقاً يبدأ غرباً باسم شارع الإمام فيصل بن تركي بن عبد الله ثم يصبح أبا أيوب الأنصاري ثم الأمير سلمان بن عبد العزيز شرقاً. وشارع الملك فيصل يتحول إلى شارع العليا شمالاً. ومثال آخر لشارع يتغير اسمه لكنه يحمل من المتشابهات الشيء الكثير، فهذا طريق الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد (طريق الجامعة) في شمال الرياض الذي يستمر شرقاً بعد أن يقطعه الدائري الشرقي عند مخرج 9 ويتحول اسمه إلى الإمام عبد الله بن سعود بن عبد العزيز (أي ابن الأول الذي كان في غرب الدائري) وهذا الشارع يلي مخرج 10 الذي هو طريق الملك عبد الله بن عبد العزيز. ولا أعتقد أني بحاجة للتعليق على استحالة التعرف على المخرج المطلوب قبل التدقيق بالنظارة المكبرة ودون الضغط على الكوابح طويلاً وتعطيل السيارات في الخلف للتأكد من صحة المخرج. وربما أكتفي بهذه الأمثلة لكثرتها.
وأختم بالقضية العروبية، فعلى الرغم من أن بين ظهرانينا سبعة ملايين أجنبي غالبيتهم لا يتحدثون العربية إلا أننا لا نعير هذه "الخصوصية السعودية" بالاً. قد يقول القائل إنهم لا يترجمون لوحاتهم في أمريكا أو فرنسا أو الفلبين، وهذا صحيح ولكن من الذي بحاجة من؟ هذا هو السؤال. إن جزءاً كبيراً من هؤلاء الأجانب هم من السائقين الذين يقودون بالنساء ويقضون حوائجهن، أو من سائقي سيارات الأجرة الذين يقودون بكل زائر للرياض، فكيف لهؤلاء أن يسيروا في دروب الرياض ويعرفوا أين هم على الخريطة، التي وإن كانت مترجمة فهي لن تفيدهم بشيء نظراً لأن اللوحات بعد ذلك ستتركهم لمصيرهم، ونكون نحن النساء أول ضحايا هذا التخبط الذي يقع فيه السائقون ممن لا يمكن أن يستدلوا على شارع تذكر له اسمه الصحيح وتضطر أن تنتظر حتى يتأقلم في البلد ويتعرف على أسماء محلية من جماعته.
وأجد أن هذه القضية تهون نظراً لأننا بدأنا نرى بعض إضافات في اللوحات الرئيسة في الخطوط الدائرية والسريعة بالخط اللاتيني، لكن التناقض الكبير من وجهة نظري يكمن في حالة الحي الدبلوماسي. فهذا الحي بخصوصية عنوانه يُفترض أنه مخصص للجاليات الأجنبية ومن أحب من السعوديين الإقامة هناك فهذا شأن آخر، لكن الحي مُخطط من قبل الهيئة العليا لتطوير الرياض على أن يكون حياً نموذجياً للسفارات وبعثاتهم فماذا نرى؟ نجد أن مخططي الحي اختاروا أطول وأعقد أسماء في التراث العربي وسموا بها الشوارع التقاطعية الرئيسة لهذا الحي وهما "عبد الله بن حذافة السهمي" و"عمرو بن أمية الضبّي" ثم بأسماء علماء مسلمين آخرين لا تحضرني الآن، فماذا يُتوقع من الأجانب المساكين؟ وكيف يمكن أن يترجموا هذه الأسماء لتصبح مقروءة بلغاتهم؟ لم يكونوا بحاجة إلى ذلك، لأنها على كل حال ليست مكتوبة بحروف لاتينية ومتروكة بحروفها العربية حتى يُجبر هؤلاء الأجانب على تعلم لغتنا، "فهذه مشكلتهم" كما يبدو. وبعد ذلك نجد أن الشوارع الفرعية رقمت بالحروف الأبجدية العربية فهذا شارع أ، وب، ج، وح، وخ إلخ. أما السفارات فعلى مقدمة مدخل كل سفارة منها لوحة جميلة باسم السفارة بالعربية فقط.
في هذا الحي تتضح عصبيتنا العربية وقوميتنا التي لا نتنازل عنها. فبالله من المفترض به أن تخدم هذه السفارات؟ أليست جاليتهم المقيمة في السعودية، فكيف للجالية الصينية أو الهندية أو الإسبانية الاستدلال على سفارتها ولوحاتهم مطبوعة بالعربية فقط؟ في كل مرة أدخل الحي الدبلوماسي لأي غرض وأتوه عن بعض مواقعه أرثى لحال الأجنبي الذي يريد أن يقضي غرضه في هذا المكان المخصص له. فما الحكمة يا بلدية الرياض والهيئة العليا لتطوير الرياض؟
يا حبذا لو أن بلدية الرياض تأخذ على عاتقها هذه الملاحظات في تسمية الشوارع في المستقبل أو ما يمكن إصلاحه في الحاضر. وأن تراعي التسلسل المنطقي في ترتيب الشوارع، ولا بأس بالترتيب التاريخي الذي لا يحمل تداخلاً أو خلطاً. فمن الأولى أن تكون طرق الخلفاء الأربعة متتالية ومرتبة تاريخياً فنبدأ بأبي بكر فعمر فعثمان فعلي. ولكننا نجد طريقي أبي بكر وعثمان في شمال الرياض متوازيين وعلي وعمر في جنوب الرياض متقاطعين.

جهاد محمد قربة
05-13-2006, 06:06 PM
:) كلا لا يشترط يكفي أن لا يكرر الاسم مرتين داخل الحي الواحد، المهم تفعيل التسمية عن طريق أن يكون لكل مواطن عنوانا واضحا وصريحا