Geomedia Pro GIS & ArcGIS
[align=justify]شكرًا للأخت هنادي على سؤالها المهم، وسأجعل الإجابة عليه في وقفات مختصرة ليسهل الوقوف عليها بحول الله.
الوقفة الأولى: إنه ليس في تقنيات مجالنا ما يمكن أن يقال عنه سهل باطلاق أو صعب باطلاق؛ إذ السهولة والصعوبة تأتي من قبل المستخدم نفسه؛ فما يراه شخص سهلاً، قد يراه آخر صعبًا، والعكس يصح كذلك. وما يقال عن اليسر والصعوبة في التقنيات يقال عن قضية التفاضل بينها. ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع.
الوقفة الثانية: إننا نريد أن نكون من مبدعي التقنية لا من مستخدميها فقط، فبقاؤنا في مصاف المستخدمين يجلب لنا المشقّة والعنت. وإمكانية أن نكون من مبدعيها ليس با لأمر الصعب فنحن "جيل البرمجة" وميلاد الحاسب الشخصي حديث جدًا لمن لا يعلم ذلك. لأنَّنا إن لم نصبح من مبدعيها بقينا ضحية الدعاية والإعلان القائمين على مهارة اصطياد الزبون بأي وسيلة كانت بشرط أن لا تثير حنقه، وما ضرّ لو علم في مقبل الأيام أنَّه اصطيد بوسيلةٍ غير نزيهة.
الوقفة الثّالثة: إنه من خلال اطلاعي اليسير وإلمامي بجوانب من تقنيات نظم المعلومات الجغرافية فإن الشركات المعنية بتطوير تقنياتها على دراية بمكامن الصعوبات فيها، ولذلك يجهد كلٌ في محاولة الوصول إلى الحلول المثلى لهذه الصعوبات أو المشكلات، وإن اختلفت عناوين تلك الحلول من شركة لأخرى، وهذا جانبٌ تطرقت له في كتابي: "العلم والتقنية: رؤية هندسية مغايرة للمألوف" الذي آمل أن أصدره قريبًا. أقول هذا لأنَّه في الوقت الذي نرى فيه "انترقراف" تطرح برامجها ذات الانفتاح الكبير على المعلومات باختلاف مصادرها وباختلاف برامجها، من خلال تقنية GIS Geomedia Pro، نرى "إزري" تلوّح بحلولٍ مماثلة في تقنية ArcGISالأخيرة من خلال ما يُسمّى Interoperability. فالهم واحد، كون القضية المعالجة واحدة، وإن اختلفت أساليب تناوله والتعامل معه.
الوقفة الرَّابعة: إن المشكلة تبقى في معايير الاختيار بين هذه التقنيات من قبل المستخدمين؛ وهل الأفضل التنويع أو التوحيد؟ وما جدوى كل اتجاه من هذين الاتجاهين؟ وغير ذلك من الأسئلة المهمة ... ...
أقول قد يكون التنويع هو الأمثل في الجوانب الدراسية (التعليمية والبحثية) لتكون الفائدة الشاملة والاختيار الأمثل لأنسب الحلول للمسألة المراد حلها، ولغير ذلك من الأغراض التي لا تخفى. أما في الجانب الانتاجي فقد يكون لتوحد التقنيات ما يبرره من حيث تضافر الجهود، وتسهيل سريان المعلومات بين المهتمين، وعدم جعل اختلاف نوع التقنية ذريعة لعدم التعاون والترافد بين المعنيين، وليكثر سواد المتعاملين بهذ النوع من التقنية فيصبح لهم كلمة مسموعة, وغير ذلك كثير..... وهنا يأتي سؤال معقول: هل على الأخت هنادي أن تتحوّل إلى تقنية ArcGIS لأنَّه السائد في مثل نادينا هذا؟ ليس عليها ذلك الآن، ولها بعد الانتهاء من مرحلة البحث والدراسة أن تقدّر المسألة بقدرها....
الوقفة الخامسة: إن برامج التقنيات تتدانى وتتقارب بشكل ملحوظ، فمن عرف واحدة منها أصبح من السهل عليه تناوش الآخرى واستخدامها دون كبير مشقَّة. وسيكون التداني في المستقبل أكبر وأعظم ... وهذا جانب حاولت تناوله في الكتاب المذكور آنفًا إن يسر الله خروجه.
الوقفة السادسة: لست بذي خبرة جيدة في برامج الانترقراف وإن كنت اطلعت عليها وحضرت بعض ما قُدِّم فيها من محاضرات ولقاءات، وقرأت عنها في أبحاث قليلة استخدمت تلك التقنيات؛ ولعل الأخت هنادي -إن اسعفها الوقت - أن تجعل بين يدي هذه النادي بعض ما تعرفه عنها، فربما وجدت من يميل إلى ما مالت إليه وتصبح في فريق متنامٍ متضافر.
هذا بعض ما تجمّع لي من أفكار تتناثر أحيانًا فلا أصيد منها إلا القليل.
تحياتي ودعائي للجميع بعيد سعيد.
ظافر بن علي القرني
يوم عيد الحج لـ 1426هـ [/align]
[movek=right]سم سمة في الأرض تحمد بها واحمد لمن أهدى ولو سمسمة [/movek]
دور برنامج الهندسة المساحية في تغيير الصورة المعهودة
[align=justify]يقول سؤال الأستاذ الكريم فهد الأحمدي: بحكم عملكم كعضو هيئة تدريس بقسم الهندسة المساحية- هل تعتقد أن هذا القسم ساعد في تحسين صورة مفهوم علم المساحة بين طلبة الجامعة بخاصة وبين العامة بعامة أم أنه لا تزال النظرة محدودة وقاصرة وغير واضحة لدى الكثيرين?
استطيع أن أقول باختصار شديد أن برنامج الهندسة المساحية الذي أنشئ منذ عام 1408هـ في القسم المدني بجامعة الملك سعود ساعد كثيرًا في تحسين صورة مفهوم علم المساحة بين الطلبة وغيرهم من عامة النَّاس؛ وإن النظرة لم تزل محدودة وقاصرة وغير واضحة وستبقى كذلك لدى الكثيرين إلى أن يشاء الله غير ذلك. وهذا تضاد مفهوم عندنا، ولا ينطبق عليه قول أبي العلاء: "تناقضٌ ما لنا إلاّ السكوت له" ولذلك نقول: إنَّه إذا رُسمت صورة ما عن شيء ما في "التّأريخ" فإنّ "الجغرافيا" لا تستطيع تغيير تلك الصورة بيسر ولو جهدت. فعلى الرّغم من كون الهندسة المساحية علمًا في كلّ علم وتقنية في كلّ تقنية، وكون عينٌ منها على الأرض وعين في السّماء -كما سبق وإن أشرت في موقعي- فإنَّها تعاني من تصوّر النَّاس لها بأنَّها الشريط الذي يسحب على الأرصفة، أو ميزان التسوية الذي يقف وراءه عامل في هيئة رثّة، معتمرًا كوفية صفراء فاقع لونها لا تسر النّاظرين. هذا هو التَّصور الذي يحمله المثقّف من النَّاس وقد يأتيك غيره بأسوأ منه. فكيف يستطيع قسم صغير في زاوية من الأرض أن يغيّر هذه الصورة الممتدّة من الولايات المتّحدة الأمريكية إليها مرورًا بكلّ أقطار الأرض دون استثناء.
ألم تر أنّ كثيرًا من الأقسام المساحية في العالم عمدت إلى تغيير اسمها من مساحة إلى جيوماتك أو جيوماتكس (Geomatics) هروبًا من هذا التَّصور المنقوص. وإذا كان هذا التغيير ممكنًا في عالم لغته الإنجليزية أو ما ماثلها من لغات أوروبية، فإن نقله أو ترجمته إلى العربية أو استحداث مثله فيها يظلّ أمرًا صعبًا. فنحن إن نقلناه كما هو أصبح غير مفهوم للنَّاس، وربما وجدتنا نعود للقديم ولسان حلنا يقول: "حنانيك بعض الشّر أهون من بعض"؛ وإن ترجمناه صعبت ترجمته فهو مركّب من ثلاث تقنيات أو أكثر؛ وإن حاولنا أن نأتي بغيره كنَّا كمن يحاول أن يترجمه.
وقد كان يمكن لتخصص المساحة أن يأخذ صورة جيدة في أذهان النَّاس فهو جدير بها لأسباب منها كونه معروفًا من زمن بعيد بهذا الاسم ، وللعرب فيه، كما لغيرهم، إبداعات جميلة رائعة، وذا صلةٍ وثيقة بكل التّخصصات المعروفة في عالم اليوم؛ ولكن ما ندري كيف رُكّبت هذه الصّورة المشوّهة في عقول المثقفين من النَّاس وكيف نُقلت إلى العامة منهم، فكان ما كان من معاناة، والله المستعان.
أمَّا هل أسهم "القسم" في تحسين الصورة فلا ريب في ذلك، والدّليل ما نراه من نشاطات لخريجيه في كثيرٍ من القطاعات، وما نلمسه من سعي كثير من أصحاب التخصصات الأخرى للاستفادة من علومه وتقنياته ومعلوماته لأسباب وضَّحت بعضها في موقعي بشيء من التفصيل. ورغم كلّ هذا، فسيظل المفهوم قاصرًا كما هو، لقلّة المتأثرين وإن كثروا، قياسًا بالكثرة الغالبة ذات التصورات القديمة الرّاسخة في عقولهم رسوخ الجبال.
شكرًا لسؤالك المهم، ولك وللقراء تحياتي
ظافر بن علي القرني
السبت 14/12/1426هـ[/align]
[movek=right]سِم سمةً في الأرض تُحمد بها واحمد لمن أهدى ولو سمسمةْ[/movek]
الفرق بين الدراسات العليا هنا وهناك
[align=justify]الأخت الفاضلة هنادي
بعد السلام عليكم ورحمة الله، أقول في الإجابة على سؤالك الأول:
ليس هناك مقارنة لا من بعيد ولا من قريب بين الدراسات العليا في جامعات بلداننا العربية المتميّزة والجامعات المتميزة في البلدان المتقدّمة تقنيًّا. والسبب ليس قصور في عقول الطلاب ولا معلميهم، وإنّما القصور في البيئة التعليمية عامة. ففي الدول المتقدمة تقنيًّا يعيش الطالب فيها حياةً علميةً من كلّ جوانبها، إذ هو بين أناسٍ همهم العلم، أناس تترقب النظريات الجديدة في حقولها كما يترقب الناس عندنا سوق الأسهم في شاشات البنوك والتلفزيونات. إذا نزل كتاب قيم في السوق في تخصص ما تناقل أصحابه أخباره وسعوا إلى اقتنائه، وإذا تطورت تقنية ما، علم عنها الجميع. ومؤتمراتهم حيّة وهي سوق النظريات المزدهر. وبلدانهم يُعرف فيها المتميزون في تخصصاتهم من غيرهم؛ لكن في البلدان المتأخرة تقنيًّا ربما كانت الغلبة والصوت للخافت علميًّا، كون الأمة، في الغالب، ليست بأمة علم تقني يعينها على تمييز الجيد من الرديء.
وكتابة البحث العلمي الرَّصين، لا تأتي إلاّ من قراءة البحوث العلمية الرَّصينة ومتابعتها بشكل مستمر في مجلاّتها المتخصصة أول بأول. وهذه المزية شبه مفقودة في بيئتنا التعليمية لأسباب كثيرة، منها عدم الحرص على اقتناء المجلات المتخصصة، وندرتها في مكتباتنا العلمية، وتأخرها إن وصلت .... . لذا لو قال لي أحدٌ: إنّ الطالب في الدول المتقدّمة تقنيًّا يستفيد بشكل كبير، مقارنةً بالطالب في عالمنا، فيما يخص جوانب كتابة البحث العلمي والإلمام الجيد بأدواته وأساليبه، وفي غير ذلك من الأمور، لقلت له صدقت.
وهذا لا يعني عدم وجود الطالب الجيد المكافح المنافح الذي يتغلّب على ظروف بيئته التعليمية من حوله، فيحلق في فضاء الإنترنت، ويتواصل مع دور النشر ومظان البحوث العلمية، فيحصل منها على ما يريد، ويقرأها بحرص؛ فيعيش علميًّا هناك وهو عمليًّا هنا. هذا موجود، وموجود كذلك المرشد الذي يعين على ذلك، إنّما نحن نتكلّم عن الغالب أو السائد، ولا نأتي للاستثناء.
أما في إجابة الجزء الثاني من سؤالك، فلا استطيع أن أسمي جامعات مختارة في الجغرافيا، ولعل الأخوة الجغرافيين أن يعينونا في هذا الجانب. ولكن ها هنا بعض لأمور التي قد تفيدك ولو قليلاً:
• من المعلوم أن نشاط التخصص يكون من نشاط المعلمين فيه، وليس على أساس الدولة، كما تفضلت، ولا على أساس الجامعة أيضًا. فالجامعة المشهورة ليست قوية في كلّ علم، وإنّما تجدينها جيدة في علم ما بمن فيه من المتخصصين المرموقين. وهم بعلمهم وسمعتهم يرفعون اسم الجامعة، وإن كان فيها المتردية والنطيحة وما أكثرها.
• حريٌّ بالجامعات المتميّزة في الجغرافيا سابقًا، أن تكون متميّزة فيما يستجد من تخصصات؛ ولا يتوقّع من الجامعات الخاملة أن تنشط فجأة، كون العملية التعليمة متَّسقةٍ متنامية.
• لدى وزارة التعليم العالي في المملكة قائمة مفصّلة بالجامعات الجيدة في الدّول المتقدّمة تقنيًّا؛ يمكنك أن تختاري بعض الجامعات المعروفة في الجغرافيا بناء على سؤال المتخرجين منها أو من غيرها، ثمّ تذهبين إلى موقع الجامعة على الشبكة وتطّلعين على التخصصات الموجودة، وعلى المقررات التي تدرّسها في الدراسات العليا، وسيظهر لك ما إذا كانت الجامعة مهتمّةً بنظم المعلومات الجغرافية أم لا. فإذا كانت الجامعة قوية في الماضي، ولديها إهتمام بنظم المعلومات الجغرافية، فالغالب أنَّها جيدة.
• وهناك معايير أخرى. أفكر أن أكتبها في مقال، أو أرسلها إليك ملخّصةً عبر البريد الإلكتروني.
أمل أن أكون أتيت بما يفيد، وشكرًا لك على سؤالك القيم.
ظافر بن علي القرني
الجمعة 20/12/1426هـ [/align]