قراءة الصورة الجوية أو الفضائية مرة أخرى
[align=justify]تريد الأخت مريم الحربي أن تعرف كيف يدل اللون الأحمر في الصورة على اللون الأخضر في الطبيعة؟
[/align]
[align=justify]سؤال جيد، نقول في الإجابة عليه:
ما يشعل التقنيات غير الحروب. والحروب نوعان: نوع بالكلمات، والآخر بالمدافع والطائرات؛ والثّاني أعتى وأمر.
في الحرب العالمية الثانية وظّف التصوير من الطائرات بشكل كثيف للسيطرة على ميدان المعركة العريض. ولاحظت إحدى الدول المتقدّمة تقنيَّا أنَّها تصاب بأذى من دولة تقنيّة أخرى رغم غلبة طيران تلك الدولة على مجريات المعركة. فالطائرات لا تتبيّن أهدافها، وتقصف أماكن العدو حسب ما يبدو لها، فتفاجأ بنشاطه مرةً أخرى. فطن علماء هذه الدولة إلى أنَّه قد يكون هناك حيلاً متّبعة من الخصم في الأرض للتمويه عليها وعلى طيرانها في الجو. وقد تكون أقرب تلك الحيل أن المدافع وجنود المدافع تُغطّى بأغصان الشجر، فتصبح كالغابة في أعين الخصم، فلا يستهدفها من الفضاء. من هنا بدأت التجارب السريعة على تطوير فلم تصوير لا يقتصر على الألوان المعتادة (الأزرق، والأخضر، والأحمر)؛ بل يتجاوزها إلى ما يمكن أن يميّز حال الشجر المقطوع من حال الشجر الحيّ فتعرف الغابة الحقيقة من الغابة الوهمية.
الجدير بالذكر أن الطيف الأزرق ذو موجات ضوئية طولها من 0.4 إلى 0.5 ميكرون، والأخضر من 0.5 إلى 0.6 ميكرون، والأحمر من 0.6 إلى 0.7 ميكرون تقريبًا.
وُجد بالتّجربة، والمعركة على أشدّها، أنّ الشجر الحي (العامر بمادة اليخضور) يعكس طاقة كبيرة متميّزة في ما بعد الأحمر (0.7 ميكرون إلى ما بعده بقليل). فقاموا بصناعة هذا الفلم الجديد الذي يظهر فيه الشجر الحي أحمرًا بطبيعة الموجات التي يعكسها فيتميَّز بذلك عن الشجر الميت التي قلَّت فيه هذه المادة فلا يعكس طاقة بيّنة في المدى من الطيف.
استخدمت هذه الأفلام الجديدة التي سموّها خادعة أو غير كاذبة (False color)، فانقلب السحر على الساحر، حثث تبيّنت الغابات الحقيقية من سواها في ميدان المعركة. وتمَّت الغلبة لمن وظَّف العلم، وأعطى العلماء حقَّهم في حرية البحث والاستنتاج.
من هنا دخل في التقنية أفلام ملونة جديدة مصنوعة لتتحسّس اللون الأخضر والأحمر وما بعد الأحمر، لتمييزها عن الأفلام المعتادة (Normal color films) التي قوامها الأزرق والأخضر والأحمر كما قلنا من قبل. وأقول هنا ما بعد الأحمر هروبًا من مصطلح ما "تحت الحمراء" لأنّها عندي فوقها وليست تحتها كما هو واضح من تزايد طول الموجات الضوئية:
Blue (أزرق), Green (أخضر), Red (أحمر) , Infrared (ما بعد الأحمر).
وقد أبحرت تقنيات الاستشعار عن بعد في هذه الأطياف وما بعدها بعد ذلك إلى يومنا هذا كما هو مشاهد ملموس.
عسى أن تكون الفكرة واضحة، وإذا لم تكن، فيمكنني صياغتها بأسلوب آخر.
ظافر بن علي القرني
الخميس 10/1/1427هـ [/align]
سؤال الأستاذ بشير عن قريته وتحركات رمالها
[align=justify]يسأل الأستاذ بشير عن سبب زحف الرّمال على قرية يعرفها في حائل بعد أن غادرها أهلها... ويريد أن يخضع المكان لدراسة علمية. [/align]
[align=justify]الجواب:
نحييك ونشكر لك نشاطك المشاهد في هذا النّادي الجميل.
أمور كهذه تدخلها تخصصات بقدر عناصر الطبيعة المؤثرة فيها. فأهل الرّمال لهم حضورهم، وكذلك أهل الرياح، وأهل الماء، وأهل الزراعة، وأهل الجيولوجيا، وأهل الأثار، وأهل التأريخ، وأهل علوم الاجتماع، وأهل علم ....إلى آخر القائمة التي لا تكاد تنتهي. وكلّ علم من هذه العلوم يرى ذووه أن بعضهم أولى من بعض في النظر في ما يجري على الأرض من تغيرات. ولو سألت صاحب كلّ تخصص لأفاد بشيء من جانبه مفيد مع غيره. ولكن كيف للمرء أن يجد كلّ هؤلاء ويسألهم. فلا باس إذن من أن يُطرح السؤال هذا في نادٍ عام، ويدلي كلٌّ بدلوه حسب مايراه.
وقد لا أرى غير تفسيرين لما حدث لقريتكم الحالمة جوار ذلك الجبل الغربي.
الأول: إن الإنسان إذا حلَّ في مكان أحياه وعمره. ومن إحيائه دفع العوامل الطبيعية الأخرى المؤثرة عنه، سواء بشكل جماعي أو فردي ... وللإنسان قوة جبارة وإن كان من أضعف مخلوقات الله. فالظاهر أنَّه عندما كانت القرية عامرة بِأههلها لم تعمر بالرّمال، وعندما غادروها، عمرت بها. ويصح هذا الرأي إذا كانت الرّمال تراكمت على جزء القرية المهجور تدريجيًّا عبر السنين التي شهدتها. أمَّا إن كانت جاءت فجأة فنأتي إلى التفسير الثّاني.
الثَّاني: تغيرات مناخية تجعلنا نأخذ رأي أصحابها بحسب التّخصصات السابق ذكرها. فقد يكون طرأ تَغيّر في هبوب الرّياح، أو حدث نشاط عمراني أثّر في مسارها، أو طرأ جفاف ساعد على تحرّك الرّمال، أو غير ذلك من العوامل.
وقد يكون تضافر السبابان، فكان ما كان.
أما تفسيرك لما حصل، فهذا تفسير سياحي لو أخذنا به لرأيت كلّ سائح يتصوّر أنَّه يجر وارءه ظاهرة من ظواهر الأرض؛ وإن كان قال الرسول الكريم: "هذا أحدٌ جبلٌ يحبنا ونحبه"، وحنَّ له، صلى الله عليه وسلَّم، عود منبره.
ولقد رأيت في قريتي مشاهد عجيبة سجلت بعضها في قصيدة عنوانها: امتداد الزمان وانقباض المكان: البيت القديم مثالاً. وهي في ديوان الإنسان ذلك الشيء. وقد أعود فأسرد بعض ما شاهدته فيها وسببه نثرًا، إن وجدنا في الوقت سعة.
ولا بد لنا من عودة نتحدّث فيها عن إمكانية دراسة ما رأيته بوسائل أرضية أو فضائية.
شكرًا لك على سؤالك وطابت أيامك ولياليك.
ظافر بن علي القرني [/align]الجمعة 11/1/1427هـ