اللقاء المفتوح الاول مع الدكتور ظافر القرني
[align=center]الأخوة الأعضاء الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته [/align]
[align=justify]يستضيف ملتقى تواصل أعضاء نادي نظم المعلومات الجغرافية سعادة الدكتور ظافر القرني ضيفاً في زاوية اللقاء المفتوح.
وبهذه المناسبة يسرنا استقبال أسئلة الأعضاء الكرام في هذه الزاوية لكي يقوم سعادة الدكتور القرني بالإجابة عليها مباشرة.
وللدكتور مساهمات في الاستشارات الهندسية، والدورات التدريبية، والمشاريع الهندسية، والمؤتمرات العلمية، وبعض المشاركات في الصحف، والمجلات الإعلامية، في تخصصه وفي شؤون الأدب والثقافة عامة، و له أكثر من ثلاثين بحثًا منشورًا، وخمسة عشر كتابًا بين مطبوع ومخطوط.[/align]
[align=center]فأهلاً ومرحباً بضيف اللقاء المفتوح الدكتور ظافر القرني
[/align]
المشاركة في المنتديات المتخصصة
[align=center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وسؤالي إلى الدكتور ظافر
ما هو رأيك في مشاركة الأساتذة أمثلكم في المنتديات المتخصصة كنادي نظم المعلومات الجغرافية مثلاً.
الصقري
[/align]
المشاركة في المنتديات المتخصصة
أيها الصقري الفاضل مرحبًا بك وبمشاركاتك
تعلم أنّ الأمّة التي ليس لها ملتقيات علميّة تتداول فيها الأفكار والأراء - كلٌّ فيما يخصه - أمّةً متخلّفةً مهما كان فيها من العلماء، ومهما أوتيت من ثروة... وهذه الملتقيات يمكن أن تكون مؤتمرات مجدولة، أو ندوات، أو دورات أو لقاءات أو غير ذلك. والحقيقة أن تقنية الإنترنت جعلت هذه المؤتمرات شبه حيّة على مدار العام، وإن كانت لا تُغني عنها تمام الغنى. وعليه فالمشاركة من الجميع عامةً ومن المعنيين خاصة دليل وعي وحضارة. ولي من الماضي والحاضر شواهد كثيرة على مستوى العالم كلِّه، أقفزها كلّها رغم أهميتها البالغة وأكتفي باللَّقاء الوطني الأول لنظم المعلومات الجغرافية بالمملكة الذي عقد في الخبر قبل أسبوعين؛ فانظر كم من الفوائد التي بدأنا نجنيها من لقاء صغير في مدينة صغيرة. لقد عرف بعضنا بعضا، وعرفنا بعض هموم بعض العلميّة، وعرفنا كثيرًا من الإمكانات والفرص والحلول لمشكلات كثيرة، وصحح بعضنا أفكار بعض بما تيسَّر من مناقشات.... وبحثنا عن وسيلة يبقى بها التَّواصل فكان هذا النَّادي المزدهر بكلّ المشاركين فيه. أفبعد هذا أيّها الصقر يقول قائل أن المشاركات من المتخصصين غير مفيدة؛ إنَّها عين الصواب وواجب لا يتركه عاقل مهتم بشأن وطنه وأمّته.
دم سعيدًا وإلى لقاء آخر
ظافر بن علي القرني
رحلة الشَّظف من قرية العنفوان إلى بلاد الإمريكان.
[align=center]
أستاذي القدير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بودي لو حدثتنا عن كتاب (رحلة الشَّظف من قرية العنفوان إلى بلاد الأمريكان) وهل هو سيرة ذاتية للكاتب، ومتى سيرى النور؟
مع خالص شكري وتقديري
حمود العنزي
[/align]
رحلة الشَّظف من قرية العنفوان إلى بلاد الأمريكان
حياك الله يا حمود وشكرًا لسؤالك
لهذا الكتاب قصة. فقد جاءني بعض الأخوان من إدارة تعليم الرياض، وقالوا ستلتقي إدارات التعليم من المملكة في المدينة المنورة، ومن ضمن الأعمال المقدمة مسرحيات تناسب حال التعليم وواقع العصر الذي نعيشه. ورغبوا في أن أكتب لهم نصًّا تدور أحداثه حول طالب سافر للدِّراسة في الغرب وله في بعثته قصص، ليوظفوه لهذا الغرض. وعلى الرَّغم من عدم رغبتي في المسرحيات والتمثيل حتى لو كانت أهدافها سامية، قمت بكتابة نصٍّ مناسب لما أرادوه تقديرًا لهم؛ لكن بدلاً من أن يكون في حدود ثلاثين صفحة - كما قالوا- امتدَّ ليصل مئتين تقريبًا. أخذوا النَّص ومسرحوه وسمَّوه "رحلة الأحلام"، تلطُّفًا منهم، ففازت مسرحية أهل الرياض بالمركز الأول على مستوى المملكة، وحصلتُ مع الفائزين على درع من إدارة التعليم.
الكتاب قريب من السيرة الذَّاتية، وظهر لي فيه أشياء ما كنت أدري بها، والفضل فيه لمن حرّك المشاعر والشجون....
لعل الله أن يُيسِّر فأخرجه فقد تأجَّل كثيرًا لأهمية الأعمال التي تقفز قبله كلما فكرت في أمره، وأمر غيره من الكتب الثقافية القليلة....
تحياتي
ظافر القرني
كتاب تجربتي مع التَّدخين من القرية إلى القرية
حياك الله أخي الصقري
ليس لي تجربة مع التدخين بالطّريقة المعروفة ولكنَّها كانت بطريقة أسوأ دفعتني لها حداثة السِّن وحبّ تقليد الكبار فيما يعملون. فكان أحد جيراننا في القرية يأخذ منا ورق الرسم الشفاف ويقسمه إلى قطع صغيرة ثمَّ يملأ الواحدة منها بالتبغ المسحوق ويدخنها أمامنا.... فقلدته لكن بورق من دفتر "أبو عشرين" وورق الشجر ولحائه؛ فكادت تكون القاضية.
لم يكن لدي أي نية أن أكتب هذه التَّجربة؛ ولكن بعد أن فرغت من كتابة قصيدة طلبها مني الدكتورين الفاضلين مسفر الدقل ويوسف سراج من كلية الزراعة بجامعة الملك سعود بحكم عملهما في اللّجنة الثقافية والاجتماعية وجدت أن لدي معلومات كثيرة عن هذه الأفة سواء في القرية أو المدينة أو الغربة (أمريكا)... فكتبتها بكل صدق.
لم أضم تلك القصيدة في الكتاب لأني كتبت أخرى تحكي القصة بشكل أفضل في مئة وعشرين بيتًا وهي مبثوثة بحسب المواضيع في ذلك الكتاب. وقد نفذت طبعته الأولى وصدرت الطبعة الثانية بحمد الله.
ومن أبيات تلك القصيدة:
اسـأل سـؤالك موقنًا بـجوابه مـا دمّر الإنسـانَ كالدخان
يـأتـي عليـه بكل داءٍ قـاتلٍ بعد الخـمول وفتـرة الغثيان
كتليّف الكبد الخطير ولوثة الـأعصـاب والجلطات والسرطان
وتلوّث الدّم واخـتلال الهضم في أحشائه وتصلّب الشّريان
وتلوّث الرئتين والبلعوم والشـ ـفتين والعيـنين والأســنان
........ إلى آخرها....
أما القصيدة الأولى فمنها قولي:
قالو المعسل لا تدري بنكهته قلنا مع السّل سرٌّ فيه مختصر
تحياتي لك أيها الفاضل
د. ظافر القرني
الخطة الدّراسية للهندسة المساحية في جامعة الملك سعود
[align=justify]أهلاً بالمهندس سلطان السبيعي وبأسئلته المهمة التي تدل على سعة أفقه وحرصه على زيادة الوعي المساحي الهندسي من قبل المهتمين بنظم المعلومات الجغرافية. وسأتناول اسئلته بحسب ترتيبها؛ وأولها خطة الهندسة المساحية في جامعة الملك سعود.
فأقول الخطة بصفة عامة، من وجهة نظري، بين الجيد والجيد جدًّا فلا ترقى إلى الممتاز ولا تهبط إلى السيء من الخطط. ولهذه المنزلة بين المنزلتين أسباب كثيرة أحاول أن أبينها أو أبين بعضها بقدر المستطاع.
وقبل أن نشرع في سرد بعض المؤثرات العامة على الخطط الدِّراسية ومنها خطة الهندسة المساحية، أشير إلى أن عدد ساعات الدِّراسة (أو وحداتها) تقلَّص كثيرًا منذ أن كنَّا طلاّبًا إلى اليوم؛ فنقص من مئتين وحدة أو يزيد إلى مئة وخمسة وسبعين وحدة، إلى مئة وستين وحدة. ولو كان الأمر بيدي لجعلتها مئة وخمسة وأربعين وحدة أو أقل بقليل ليس للمساحة فقط بل لكل التخصصات الهندسية. إذن الوحدات الدِّراسية لا زالت كثيرة رغم ما حصل لها من تقليل ملحوظ. هذا هو الأمر الأول وله أسبابه.
الأمر الثّاني، أن العربي بصفة عامة من أشد النَّاس تشبُّثًا بالماضي، وإن صح هذا التَّشبّث وحُمِد في جوانب معلومة من الحياة، فإنَّه في التقنيات التي نعيشها لا يصح. فقد ترانا رغم تعلقنا بما يستجد من تقنيات نحنُّ إلى القديم منها، ويعزّ علينا أن نحذفه من الخطة ... وهذا وفاء نادر حتى للجمادات أيها الفاضل.
الأمر الثالث أن الخطة المنهجيّة لا تقوم بأعضاء هيئة تدريس من حملة شهادات عليا، وبقررات دراسية كثيرة فحسب، بل يلزمها معامل مجهزةً تجهيزًا جيدًا، وقابلة للتَّجديد، ويلزمها مشغِّلون مهرة، ويلزمهامعيدون متميزون، وسكرتارية مدرَّبة وكلّ هذه شؤون أمَّا مفقودة أو شبه مفقودة في البرنامج. وفقد مثل هذه القدرات يشتّت الجهد الذي يبذله عضو هيئة التدريس، ويضعف مقدار التحصيل لدى الطالب دون ريب.
الأمر الرَّابع هو العنت العظيم والتأخير الكبير المصاحبان لمحاولة تجديد الخطة حيث تشتبك الأهواء مع القرارات وتظل في صراع دائم إلى أن تصبح الخطة المحدَّثة بحاجة إلى تحديث قبل أن تطبَّق. وهذه أمر علاجه متعذِر على المدى القريب.
الأمر الخامس هو انقطاع الإبتعاث لما يقارب عقدين من الزّمان وهذا أمر ينذر بخمود كثير من الأقسام العلميّة بعد سنوات قليلة كون تقاعد أعضاء هيئة التّدريس سينصب عليهم مرةً واحدة تقريبًا. هذا إذا سلموا من حوادث السيارات التي تتخطّف النّاس صباح مساء في شوارعنا العامرة.
ومع كثرة هذه المعوقات وخطورتها، فالخطة متماسكة إلى حدٍّ لا بأس به، وهي أفضل الموجود في دول الخليج العربي واليمن، وما تزال متطلِّعةً إلى الأفضل دائمًا.[/align]
لك وللقراء تحياتي وتقديري
ظافر بن علي القرني
السبت 8/11/1426هـ
هل يكفي مقررٌ واحد لنظم المعلومات الجغرافية
[size=2[align=justify]]سؤال المهندس سلطان الثاني يقول هل يكفي مقررٌ واحد لنظم المعلومات الجغرافية؟
الجواب: لا يكفي بأي حالٍ من الأحوال. ولو أخذت خطتنا في الهندسة المساحية بجامعة الملك سعود مثالاً، لوجدتنا نعطي كلَّ تخصص من المساحة الأرضية، والجيوديسيا، والمساحة التصويرية والاستشعار عن بعد، بين ثلاثة إلى خمسة مقررات ونعطي نظم المعلومات الجغرافية مقررًا واحدًا؛ وهذا حيفٌ عظيم.
ونحن متنبّهون لهذا؛ ولكن التَّعديل لا يحصل بيسر كما ذكرت في جواب الخطة الدّراسيّة السَّابق. ولو كان الأمر بيدي لجعلت أقل عدد ممكن من المقررات لهذه النظم في الخطة ثلاثة متتالية: أولها، مدخل شامل، وثانيها، عن قواعد المعلومات فيها، وثالثها تطبيق وممارسة على مشاريع مختارة.... ولا يُظن أن هذه كثيرة.[/align] [/size]
تحياتي
ظافر بن علي القرني
السبت 8/11/1426هـ
المفهوم النّظري والتطبيق العملي
[align=justify]سؤال المهندس سلطان الثّالث يقول: أنا حالياً أمتلك الكثير من المعلومات في نظم المعلومات الجغرافية,ولكن أكثرها بشكل نظري,كيف استطيع أن أطور نفسي بالتعامل مع هذا العلم ,وبرامج هذا العلم؟ وتعلمون بوجود ندرة في الدورات المقدمة لهذا التخصص..وأن وُجدت دائماً تكون مرتفعة الثمن؟
الجواب
إذا حصل المفهوم النظري السَّليم، كان من السهل بإذن الله الحصول على المعرفة التَّطبيقية لأسباب أشملها في التَّالي:
1. التّطوّر المستمر في البرامج التطبيقية والحرص من قبل مصنعيها على تيسيرها وجعلها ممكنة التّعلم ولو بجهد شخصي.
2. تداني هذه البرامج من بعضها بشكل كبير فإذا ما أصبحت ذا خبرة في واحدٍ منها أصبحت على مقربة من الثّاني بشكل تلقائي.... وسيزيد هذا التّداني في المستقبل القريب بشكل كبير.
3. ....
وعلى هذا أيّها المهندس الفاضل، يلزمك أمران مهمان هما: العلم والصبر؛ العلم بأنَّ هذه البرامج ليست معقدة كما يظهر من طريقة المتعاملين معها. و الصبر في تعلمها ولا يكون ذلك إلاَّ بالتجربة والمحاولة بعد المحاولة وتتبُّع خطوات العمل من دليل تلك البرامج، وسؤال من له خبرة سابقة فيها.
وإذا تيسرت دورات تطبيقية محضة فلا بأس بها، ولا تلزمك كثيرًا الدورات التي تنقسم إلى نصفين نظري وعملي كونك على معرفة جيدة بالجانب الأول منها.
ولو بقي المرء يأخذ دورات حتى تخرج الشمس من مغربها دون أن يمارس بيده ويخطئ ويصيب ما حصلت الخبرة التي ينشدها.
ولي في هذا الأمر تجربة تخبرنا عن قلة صبرنا لعلّي أعود إلى الموضوع فأذكرها[/align].
تحياتي لك وللأخوة الأعضاء وضيوف الموقع
ظافر بن علي القرني
السبت 8/11/1426هـ
الرَّد على سؤال الصقري حول العلم والتقنية
[align=justify]يقول الأستاذ الصقري: هل نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد أدوات بيد الباحث أم تخصص مستقل وعلم قائم بحد ذاته؟
الجواب:
السؤال سهلٌ صعبٌ لاختلاف مفاهيم النَّاس ورؤاهم. ويمكننا القول: هما علم لصاحب العلم، أدوات أو تقنية لصاحب التقنية حتى نرضي كلَّ الأطراف. وهذا ما قلته في ملتقى نظم المعلومات في الخبر الشهر الماضي. وعندي أن ما من علم إلاَّ وله تقنية، وما من تقنية إلاّ ولها علم. ولا بد أن نعلم أن العلم يحمل في أحشائه تقنية، والتقنية تحمل في أحشائها علمًا. وعلى هذا فالتقسيم لا يعني شيئًا في الحقيقة.... فهما لكل فردٍ يعمل فيهما علم وتقنية شاء أم أبى. ويبقى السؤال المنطقي هو: كم يأخذ هذا الفرد أو ذاك من علمها وتقنيتها. وقد سبق أن قلت شيئًا مثل هذا في موضوع طرح في هذا النَّادي إذا وجدته أشرت إليه.
آمل أن أكون اقتربت من الحقيقة.
تحياتي
ظافر بن علي القرني
الثلاثاء 11/11/1426هـ [/align]
تساؤلات المهندس فهد الأحمدي (1)
[align=justify]شكرًا للأستاذ فهد الأحمدي على تواصله مع هذا النادي "النواة" وعلى مشاركاته المركّزة المفيدة. ويسعدني أن نتحاور حول التّساؤلات التي ساقها، وأوّلها: "ما رأيك في دخول غير المختصين في العلوم الحديثة نسبيًّا (الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية) واستفادتهم منها في تخصصاتهم المختلفة كأدوات تساعدهم على إنجاز أعمالهم"؟
الجواب: لا أرى في دخول غير المختص في الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية إليها بأسًا إذا كان يعلم ما يريد، ويعلم كيف يحصل على ما يريد، بل إنَّني أرى الدخول إلى هذه التخصصات من غير المختصين فيها مؤشّر ذكاء وفطنة. ولهذا الرأي أسبابٌ، يكفينا منها هنا واحد نورده. أما ترانا نبحث في تخصصاتنا المتقاربة عن المعلومات المتناثرة في الطبيعة بمختلف أشكالها لنلمَّ بها ، ولنستخدمها في حلول ما ينجم من مشكلات، و في توفير ما يراد لنا توفيره من خدمات متنوَّعة كثيرة. أفليس من الحكمة أن نبحث عن تقنيات تمكننا من جلب هذ المعلومات إلى مكاتبنا لننظر إليها كلها في آن واحد، ونأخذ منها لبعضها، وننقحها، ونعالجها، ونستنتج منها ما نريد؛ فنكون بذلك وفرنا على أنفسنا كثيرًا من الجهد المبذول في الميدان، وكثيرًٍا من المال الذي ينفق في جمع معلومات يمكن الحصول عليها بتقنيات متقدّمة جيدة؟ أعلم أن العاقل لن يجيب بغير: "بلى إن من الحكمة فعل ذلك".
ويمكنني يا فهد أن أقول بطريقة أخرى: إن المرء إذا أتقن عملاً ما ظهرت له فيه ثغرات فيسعى إلى سدّ هذه الثغرات. وهذه السعي يقوده إلى تخصصات أخرى فلا تثريب عليه، وهو في سعيه مأجور بإذن الله، بل هذا الذي ينبغي عليه عمله، مادام يشعر أنَّه أهلٌ لذلك. ولا يفعل ذلك إلاَّ مبدع. أمَّا أن يحصر نفسه في مجال ضيّق ويرى أن حلول مشاكل النَّاس لا تكون إلاَّ من خلال هذا التخصص الذي حصر نفسه فيه، فهذا جهلٌ عميق.
إذا صح هذا يبقى تفاوت القدرات في الأخذ من هذه المعارف والتقنيات الجديدة؛ فواحد يوفقه الله إلى الدخول إليها من بابها، ويفلح في استثمار الوقت والمال في إتقان ما يمكنه إتقانه منها، ويبدع فيها إبداع أهلها المتخصصين وربما فاقهم. وواحدٌ يحوم حول الحمى ولمَّا يستطع دخوله بعد. وآخر لم يسمع في هذا الحمى ولا يريد أن يسمع به أصلاً.... وللنَّاس فيما يعشقون مذاهب.
هذا مدخل يقودنا إلى سؤالك الثاني بحول الله. دم بصحة وعافية ... والسلام عليكم.
ظافر بن علي القرني
الأربعاء 12/11/1426هـ[/align]
تساؤلات الأستاذ فهد الأحمدي (2)
[align=justify]يقول الأستاذ فهد في سؤاله الثاني: ما هي نصائحك وتوجيهاتك لغير المختصين في هذا المجال في حال رغبتهم الدخول فيه والاستفادة منه ؟
الجواب: إذا كانت الهواية، وصحت العزيمة فخير ما يبدأ به هو دراسة ما أمكن من مقررات مقدمة في هذين العلمين. ومقرراتها بصفة عامة محدودة، ولا يتهاون في هذا حتّى لو لم يأخذ غير مقرر واحد في كلّ مجال. هذا الأمر من وجهة نظري مهمٌ جدًّا لبناء الأسس العلمية التي تبدأ بعدها نشاطات المتعلِّم في البروز. فتراه لا يترك فرصة علمية مواتية سواء كانت دورة أو ندوة أو مؤتمر أو تدريب دون أن يكون في أول الصفوف. وتراه يحرص على الاطلاع على ما يستجد أو بعض ما يستجد من معلومات في مجاله الجديد، يحرص على أن يتواءم عمله مع علمه الذي يريد أن يشرع فيه، ويحرص على أن يكون من حوله ممَّن يشاركه هذا الهمّ أو يؤيده على هذا التَّوجّه. إذا سعى إلى تحقيق هذه الأهداف بقدر ما يستطيع، أمكنه أن يسهم بكلِّ ما هو مفيد خصوصًا أن لديه روافد علمية أخرى جلبها من تخصصه أو تخصصاته السَّابقة.
وأود أن أركّز قليلا على أمرين مهمين ممَّا سبق، هما: القراءة، والبيئة. فأحسن ما يكون من القراءة ما يعتمد على الكتب المعتمدة في التخصص. فإذا قلت: عليه أن يدرس مقررًا، فالمقصود أن يدرس كتابًا مختارًا على يد متخصص. ولا ريب أن من مشاكلنا الكبيرة في العلم والتعليم البعد عن الكتب واللجوء إلى غيرها من بدائل يشوبها ما يشوبها من نقص. إن أصل مرض التعليم لدينا - وهو مريضٌ فعلاً- يكمن في عدم معرفتنا قيمة الكتاب، وكيفية التعامل معه.
أمَّا أثر البيئة المحيطة على المرء فخطيرٌ جدًّا. أما ترانا لا نجد من يجالس أهل الشرع إلاَّ متحدِّثًا، جلّ وقته، في مسائلهم الشّرعية، ولا نجد من يجالس أهل اللّغة إلا متكلّمًا في مسائلهم اللّغوية، ولا من يجالس أهل الجراحة في الطِّب إلاَّ متحدّثًا عن العمليات الجراحية، ولا من يجالس أهل الفن إلاَّ متحدِّثًا عن فنونهم ودنونهم؛ فبالمثل تقاس بقية الهموم الأخرى كافة. فيأخذ المرء من شرع الله ما لا تقوم الحياة إلاّ به، على أقل تقدير، وليركب في سفينة تخصصه، قائلاً: باسم الله مجراها ومرساها.
للحديث صلة.
لك وللقراء تحياتي
ظافر بن علي القرني
الخميس 13/11/1426هـ[/align]
تساؤلات الأستاذ فهد الأحمدي (3)
[align=justify]يقول الأستاذ فهد الأحمدي في سؤاله الثالث: ما هو تقييم الدكتور ظافر وملاحظاته -في هذه المرحلة الراهنة- على مشاركات وتجارب غير المختصين في نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد من خلال اطلاعه على إنتاجهم العلمي.
الجواب: من المعلوم أن نظم المعلومات الجغرافية ما أخذت في النهوض إلاَّ في الثمانينيات الميلادية من القرن المنصرم، ولو قلنا في النّصف الثاني منه لكان الكلام أكثر دقّة. وعلى هذا فكثيرٌ من المتخصصين المجيدين فيها اليوم في العالم كلّه تخرجوا في جامعاتهم قبل هذا التأريخ، أي أنَّهم لم يدرسوها دراسة متخصصة بمفهومنا السّائد، فيمكن أن يُقال لهم: "أنَّهم غير متخصصين"؛ ولكن الواقع يقول غير ذلك. فالمحك الحقيقي هو أمر غير التخصّص وسنأتي له بعد قليل في هذه الأسطر. نعم من النَّاس من دلف إلى نظم المعلومات الجغرافية من قرب، ومنهم من دلف إليها من بعد ... والميدان يسع الجميع والعبرة بما يُقدَّم لا بما يُقال.
ونظم المعلومات الجغرافية ووقبلها الاستشعار عن بعد كالأخطبوط له في كلّ إتجاه ذراع، فلا يظن من مسك بذراع منه في البحر أن غيره ليس قابضًا على ذراعه الآخر وبقوة. ولا يتفاجأ أحدٌ من القابضين عليه إذا ما تفلَّت منه لخصائص غريبة في تكوينه.
من هنا نقول إن المرء إذا استطاع أن يترقّى بنفسه في مدارج العلم بطرق منها ما ذُكر في إجابة السؤال السابق، كان من المتخصصين في علمه بقدر ما لديه من معرفة فيه.
والمعيار الحقيقي هو المقدرة على الإبداع. والإبداع لا يحصر على المتخصصين في مجال ما، حسب مفهومنا للتَّخصّص، بل قد يأتي غير المتخصص بالعجب، ويبقى المتخصّص خامل الذكر. ولو كانت الإبداعات رهينة التخصص ما كنَّا ننعم بكثير من معطيات التّقنية اليوم. ولعلّك توافقني أن من وجدت لدية الرّغبة في حقل من حقول المعرفة، ثمَّ سعى إلى تنمية قدراته فيه ولو بجهد ذاتي، فاق من تخصَّص فيه وهو مدفوعٌ إليه من غيره. والشّواهد على ما تقدَّم من قول كثيرة قد لا يكون من المناسب الاستطراد فيها.
وإذا كنت يا أخي فهد ترى نفسك من غير المتخصصين في مجال نظم المعلومات الجغرافية وروافدها، فإبداعاتك التي بدأت تدلف إلينا من هنا وهناك لا تؤيد هذا الإحساس؛ فسر على بركة الله في سبيل تقنية هي من أمتع التقنيات التي ابتكرها هذا العقل البشري المذهل الضعيف.
إلى اللّقاء...
ظافر بن علي القرني
الخميس 13/11/1426هـ.[/align]