-
سؤالٌ من حمود العنزي فتح لنا أفقًا جديدًا
[align=justify]حيا الله الأستاذ الفاضل حمود العنزي، وبارك في جهوده الجميلة.
لم يكن في ذهني سؤال معيّن لم أسأله، فمجال الأسئلة واسع رحب ويمكن أن يأتي السؤال من أيّ جهة في أي وقت. ولكن يمكن أن أقول أن هناك أسئلة أود لو سئلت عنها، مثل اسؤالين التّاليين:
الأوّل: هل نحن في التَّقنيّة؟ وإذا لم نكن فيها، فما العائق الأعظم بيننا وبينها؟ وكم هي المسافة الزّمنيّة الفاصلة بيننا؟ والثّاني: ما أعظم فوائد الإنترنت في عالم اليوم؟
وأقول في إجابة السؤال الأول نحن لسنا في التَّقنيّة ولا حولها، وإنَّما نراها من بعيد فلا تبين معالمها لنا، ولكنَّها شيءٌ يتحرّك بسرعةٍ مذهلة، فلعلَّه أن يغرينا بالحركة في يوم ما .
وأعظم عائق بيننا وبين التَّقنية هي التَّقنية نفسها. فهي لم تنبع من بيئتنا لحلول مشاكل نعاني منها، وإنّما نبعت من بيئة غيرنا لتعالج مشاكل لديها، فرغبنا فيها، فزاد العنت والإرهاق. ولذلك فالتَّقنيّة تسير بسرعة هائلة بينما حركتنا في بيئتنا حركة بطيئة تكاد تكون ساكنة. وأكبر دليل على ما نقول كارثة باخرة السّلام المصرية في بحرنا بين دولنا التي تزخر، حسب ما نسمع بتقنيات عظيمة أصمت مسامعنا، وبهرت عيوننا، وأشغلتنا بأوهام عظيمة ما عدنا نرغب الفكاك منها لجمالها السّاحر.
ها هي أمّة كبيرة من النَّاس تغرق بين شاطئين لا يبعدان عن بعضهما كثيرًا، فلا يُعلم عنهم أحد، ولا يفزع أحدٌ من سكان الشّاطئين لنجدتهم. ولو أنَّهم صارعوا الموت في البحر لعدد من الساعات لعذرنا من يرعد ويبرق بالتَّقنيات الحديثة، ولكن من بقي حيًّا منهم عاش ليلين أسودين في بحر أسود في موج عاتٍ في هلع وخوف وعذاب شديد. فأين هي التَّقنية؟ ألم أقل إنَّها صنعت لغيرنا لحلول مشاكل واكبت نهضتهم وتطوّرهم. إنّني على يقين أنّه لو لم تحلّ هذه الكارثة بهذه الباخرة، وسئل أحدٌ من طاقمها: هل أنتم مستخدمون للتَّقنيّة الحديثة في الإبحار؟ لما توانى في الرّد بنعم، وربما قال بل نحن نستخدم أفضل التقنيات التي لا توجد عند الدول المتقدّمة. يا لله العجب! ما أجرأنا على هدر حقوق بعضنا في أيّ شيء ولأيّ شيء.
ولك أيّها القارئ أن تقيس على هذه الكارثة غيرها ممّا لا تظهر آثاره للعين في زمن قصير كزمن الباخرة. وربما أتيحت لنا فرصة في الحياة فنقول عنها شيئًا في مكان آخر.
لقد ركبت مع أصحاب "التّكاسي" في أمريكا كثيرًا، فوجدت الشَّركة المشغّلة لهذه الوسيلة على تواصل مستمر مع السّائق بالوسائل المتاحة آنذاك؛ تسأله أين وصل، وكم بقي له من الوقت لكي يصل. وها هي عندنا مدينة كاملة تغرق في البحر، في اللّيل، في مشهد لا تصفه الكلمات. إذن، لا ريب أن التَّقنيّة التي لا نعرفها ولا نستخدمها حقّ استخدامها أصبحت عائقًا كبيرًا بيننا وبين التّقنيّة، ولله في خلقه شؤون.
أمَّا المسافة الزّمنيّة بيننا وبين التّقنية الصحيحة فمن الصّعب تقديرها بدقّة؛ ولكن يمكن أن نقرّبها للقارئ فنقول هي من السّنين بقدر ما لدينا من القدرات الأجنبية في مجال التَّقنية. ضع لكل رأس سنة، ثمّ أضرب لتحصل على النَّتيجة. هذه نتيجة المتفآئلين أمثالي، أمَّا نتيجة غيرهم فاضربها في ثابت يروق لك شكله وحجمه، وعليك الحساب.
وفي إجابة السؤال الثاني، نقول فوائد الإنترنت كبيرة وعظيمة منها معرفة العالم الخارجي بالإسلام في وقت تقاعس أبناؤه عن نشره في الأرض. لقد مكّنت هذه التَّقنية أهلها أن يعرفوا بعض حقيقة ما لدينا من صلاح المنهج، مع ضعف الحيلة، فهم أمر مريج. وأسوق مثالاً واحدًا هنا أيضًا لتبيين الأمر. كلنا يعلم أنّ في كلّ عصر ومصر من سخّر نفسه للشّيطان فسخر من رسول الأمّة محمد صلى الله عليه وسلَّم. وما كانت الأمم تسمع بهذه السخرية من قبل إلاَّ في نطاق ضيّق ولو كبر. فلا تجد لها ردّة فعل، وإن وجدت كانت ضعيفة. واليوم شهدنا معرفة العالم لعظمة الإسلام ونبي الإسلام بعد أن سخر من سخر منه، على السّاخرغضب الله. لمن الفضل، بعد الله، في نشر الوعي في الأرض؟ أليس لهذه الشّبكة التَّقنية العظيمة. أقول: على الرّغم من كثرة الفساد الّذي تنشره، فإنّي على يقين أن الحقّ سيمحقه من خلالها بحول الله، ولو طال الزّمن.
ومن فوائد الإنترنت أنَّها تتجاوز بصاحب الفكر حواجز المكر البشري الذي يمارسه بعض المرضى فكريًّا، فتقفز به إلى المدير من فوق رأس السكرتير، وإلى صاحب القرار من على رؤوس المستشارين. وهذه حسنة عظيمة ستختصر الطَّريق نحو نحو التَّطوّر والإصلاح، بحول الله. ولها حسنات غير ذلك، لكن فيما قيل الكفاية.
شكرًل لك يا حمود وللقارئ أينما كان.
ظافر بن علي القرني[/align]
الأحد 27/1/1427هـ
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى