[align=justify]يقول الأستاذ فهد في سؤاله الثاني: ما هي نصائحك وتوجيهاتك لغير المختصين في هذا المجال في حال رغبتهم الدخول فيه والاستفادة منه ؟

الجواب: إذا كانت الهواية، وصحت العزيمة فخير ما يبدأ به هو دراسة ما أمكن من مقررات مقدمة في هذين العلمين. ومقرراتها بصفة عامة محدودة، ولا يتهاون في هذا حتّى لو لم يأخذ غير مقرر واحد في كلّ مجال. هذا الأمر من وجهة نظري مهمٌ جدًّا لبناء الأسس العلمية التي تبدأ بعدها نشاطات المتعلِّم في البروز. فتراه لا يترك فرصة علمية مواتية سواء كانت دورة أو ندوة أو مؤتمر أو تدريب دون أن يكون في أول الصفوف. وتراه يحرص على الاطلاع على ما يستجد أو بعض ما يستجد من معلومات في مجاله الجديد، يحرص على أن يتواءم عمله مع علمه الذي يريد أن يشرع فيه، ويحرص على أن يكون من حوله ممَّن يشاركه هذا الهمّ أو يؤيده على هذا التَّوجّه. إذا سعى إلى تحقيق هذه الأهداف بقدر ما يستطيع، أمكنه أن يسهم بكلِّ ما هو مفيد خصوصًا أن لديه روافد علمية أخرى جلبها من تخصصه أو تخصصاته السَّابقة.

وأود أن أركّز قليلا على أمرين مهمين ممَّا سبق، هما: القراءة، والبيئة. فأحسن ما يكون من القراءة ما يعتمد على الكتب المعتمدة في التخصص. فإذا قلت: عليه أن يدرس مقررًا، فالمقصود أن يدرس كتابًا مختارًا على يد متخصص. ولا ريب أن من مشاكلنا الكبيرة في العلم والتعليم البعد عن الكتب واللجوء إلى غيرها من بدائل يشوبها ما يشوبها من نقص. إن أصل مرض التعليم لدينا - وهو مريضٌ فعلاً- يكمن في عدم معرفتنا قيمة الكتاب، وكيفية التعامل معه.

أمَّا أثر البيئة المحيطة على المرء فخطيرٌ جدًّا. أما ترانا لا نجد من يجالس أهل الشرع إلاَّ متحدِّثًا، جلّ وقته، في مسائلهم الشّرعية، ولا نجد من يجالس أهل اللّغة إلا متكلّمًا في مسائلهم اللّغوية، ولا من يجالس أهل الجراحة في الطِّب إلاَّ متحدّثًا عن العمليات الجراحية، ولا من يجالس أهل الفن إلاَّ متحدِّثًا عن فنونهم ودنونهم؛ فبالمثل تقاس بقية الهموم الأخرى كافة. فيأخذ المرء من شرع الله ما لا تقوم الحياة إلاّ به، على أقل تقدير، وليركب في سفينة تخصصه، قائلاً: باسم الله مجراها ومرساها.

للحديث صلة.

لك وللقراء تحياتي

ظافر بن علي القرني

الخميس 13/11/1426هـ[/align]