تمكن الصور الجوية أو صور الأقمار الاصطناعية الملتقطة من علو منخفض أو متوسط الارتفاع من دراسة وتحليل المعالم التي يصعب تفسيرها من سطح الأرض أو تلك المدفونة. إذا توفرت ظروف الإضاءة المناسبة خلال التقاط الصورة فإن ثلاثة أنواع من العلامات الدالة على وجود معالم مدفونة يمكن أن تظهر، وهي: اختلاف ارتفاعات المستوى (طبوغرافية الأرض) ولون التربة وتطور المحاصيل.
التغيرات التي تطرأ على بقعة أرضية معينة بسبب بناء أو حفر قديم تظهر على السطح حتى بعد هدم ودفن المعلم الأثري. فإذا أخذنا على سبيل المثال خندقا قديما اختفى تدريجيا تحت التربة السطحية فإنه يتحول إلى وعاء يجمع الماء بعد سقوط الأمطار.وخلال فصول الجفاف تستفيد النباتات التي تنمو فوق هذه الخنادق المدفونة من الرطوبة المخزونة فيكون ارتفاعها أكبر من ارتفاع النباتات التي تحيط بها وتحتفظ باخضرارها لمدة أطول. فيعطي بذلك امتدادها شكل الخنادق الموجودة أسفل منها. ظاهرة مماثلة تعرفها خلال فصل الصيف الأراضي التي كانت مزروعة خلال الشتاء، فهبوب الرياح الجافة تؤدي إلى اجتفاف التربة السطحية فيسبب ارتفاع الرطوبة إلى السطح من الفجوات أو الخنادق المدفونة ظهور بقع داكنة وأشكال هندسية تتناسب وأشكال المعالم المدفونة.
من جهة أخرى فمن المعروف أن عوامل التعرية بالمرتفعات تؤدي بالمقابل إلى الرفع من حجم الترسبات بالمناطق السهلية. وإذا تعلق الأمر ببناء قديم مهدم فإن الترسبات الطينية والصخرية التي تعلوه تنضاف إلى ارتفاع أطلاله فتعطي شكلا تليا أو هندسيا يتناسب وشكل أسوار أو معالم الأثر المدفون.
يصعب علينا من سطح الأرض تمييز هذه التغييرات إلا أن التصوير الجوي يتيح بفضل عامل الارتفاع من ملاحظة امتداد الأشكال على مساحة واسعة، خاصة إذا تعلق الأمر بأشكال هندسية (مربعات، مستطيلات، دوائر...) تكون في حالات كثيرة ناتجة عن بناء أو حفر قديم أحدث به الإنسان تغييرا على البيئة.
وحتى يتمكن محلل الصور من التمييز بين ما هو طبيعي وما هو ناتج عن فعل الإنسان فمن المهم أن تكون لديه دراية بنوعية المواقع الأثرية الموجودة بالمنطقة التي يشتغل عليها. فالحصون الرومانية مثلا غالبا ما تكون لها أشكال مربعة أو مستطيلة وتعلو زواياها في بعض الأحيان أبراج. وبعض مواقع ما قبل التاريخ في مناطق معينة تكون لهل خصائص متشابهة تميزها. ولعل هذا العامل هو الذي ساعد أخانا حمود على اكتشاف مواقع أثرية بالسعودية من خلال صور goole earth بعد مقارنتها بمواقع شبيهة معروفة بالبادية الشمالية الشرقية بالأردن.
ومرة أخرى مبارك صديقي حمود على هذه الاكتشافات