الرئيسية

الجغرافية والجيومعلوماتية

عندما أعرّف الجغرافية في محاضراتي وكتاباتي باختصار أقول إنها علم العلاقات المكانية.. ولا شك بأن التحليل المكاني هو الذي يجعلنا نفهم العلاقات المكانية، فإن كان الجغرافي متحمساً للتحليل المكاني فهذا هو الحق وهو الواجب ، حيث لا معنى للدراسة الجغرافية بدون هذا التحليل، وأقول أنا متأكد بأنه لا خلاف على المضمون بين الجغرافيين الذين يريدون تسمية الاستشعار عن بعد المكاني وينطلقون فيه من التركيز على أهمية المكان والتحليلات المكانية.. وبين مانقوله: تطبيقات الاستشعار عن بعد في كذا .. من الأبحاث الجغرافية، فالمكان حاضر في البحث الجغرافي مثل حضور الماء في البحر، والتحليل المكاني شرط من شروط اكتمال البحث الجغرافي الذي يجب أن يظهر العلاقات المكانية.. ولذلك نقول يجب أن يكون الجغرافيون عموماً والجيومعلوماتيون منهم خصوصاً متفقين على الإطار العام ومن يرفض منهم العلاقات المكانية والتحليل المكاني واستخدام التقنيات لفهم وتحليل هذه العلاقات يكون غير مدرك لما يقوم به، وأنا لا أظن أن أحداً من الجغرافيين يرى غير ذلك..

وأما بالنسبة لموضوع كيف نسمي البحث الجغرافي في تخصص جغرافي ما ؟ فعندما نقول إن الموضوع الجغرافي الفلاني نستخدم فيه التقنيات للوصول إلى هدف محدد ( إدارة الموارد المائية باستخدام التقنيات الجيومعلوماتية) فهذا الموضوع في مجال إدارة الموارد المائية ( اقتصاديات المياه) ، أما إذا سمي الموضوع ( استخدام الأساليب الجيومعلوماتية في إدارة المياه ) فالتركيز هنا على الأساليب الجيومعلوماتية التي يمكن استخدامها في إدارة المياه، وهذا من اختصاص الجيومعلوماتية

وهنا الأمر يتعلق بالاختصاص: الجيومورفولوجي مثلاً يجب أن يستخدم تقانات وأساليب الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات في بحثه المورفومتري ( مثلا) ، لكن إذا كنا نؤمن بأن لدينا اختصاص اسمه جيومعلوماتية ( خرائط وتطبيقات الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية ) فعلينا أن نستخدم التقانات التي نتمكن من ناصيتها بطريقة أعمق من استخدام الجيومورفولوجي لها، فكيف يكون ذلك بالنسبة لنفس التطبيق؟ إننا نقوم باستعراض أساليب مختلفة من التحليلات الكارتوغرافية والاستشعارية وبنظم المعلومات وهي تحليلات مكانية - زمانية وتحليلات رياضية تطبق على المكان ونستطيع الوصول إلى نتائج في موضوع البحث الغاية الأساسية منها إظهار الإمكانات البرمجية والكارتوغرافية في التحليل ( الزمكاني) ولكنها في نفس الوقت ذات معنى ونتائج واقعية في الموضوع الجيومورفولوجي..

وبالطبع فنحن ننادي كجيومعلوماتيين بتعميم استخدام التقانات واستغلال خصائصها في مختلف التخصصات المكانية والجغرافية منها على وجه الخصوص، ولذلك نريد أن يتعلم جميع الجغرافيين استخدام التقانات الجيومعلوماتية.. ولكننا كمتخصصين نعلمهم كيفية الإستفادة منها كل في اختصاصة، ونستطيع أن ننجز أبحاثاً ذات بعد تطبيقي في فروع الجغرافية تمتاز بعمق استخدام التقانات بالمقارنة مع الآخرين.. فنحن نستخدمها كمنهج بحث وليس فقط كأداة..وهذه الأخيرة هي بيت القصيد.. ( منهج بحث ).

وأخيراً فإن البحث التطبيقي يمكن له أن يرتقي إلى درجات أعلى عندما تتضافر خبرة المختص في مجال التطبيق مع خبرة الجيومعلوماتي في استخدام التقانات والمنهجيات المرتبطة بها.. أي عندما تكون الأبحاث مشتركة..

أرجو أن تكون هذه المناقشة مفيدة للجميع ، للجيومعلوماتيين وبقية الجغرافيين ليفهم كل منهم فكر الآخر.. ولنجد المشترك الذي يساهم في رفع سوية الجغرافية وسمعتها بين العلومالمكانية..

المصدر :www.maqalaty.com

old_id: 
652
اسم الكاتب: 
الاستاذ منصور عزت ابو ريدة