السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تعرض العراق الى موجات من الجفاف الشديد خلال الأعوام الماضية وحتى الوقت الحاضر وإن اختلفت مستويات ذلك الجفاف من سنة لإخرى، وكان موسم عامي 2007-2008 هو الأكثر قسوة من بين تلك السنوات. واستمر الجفاف في موسم 2008-2009 ولكن بدرجات اقل نسبيا من الموسم السابق. مراقبة الجفاف في العراق والبلدان المجاورة بإستخدام تقنيات الإستشعار عن بعد يكون فعالا في هكذا دراسات. فمثلا صورة المتحسس MODIS على القمر الصناعي تيرا التابع لناسا بين نيسان / أبريل 7 و 22 أبريل 2009 تعبر عن حالة الغطاء النباتي في اغلب مناطق العراق في ربيع هذا العام 2009.
تظهر في الصورة المناطق ذات اللون البني وهي التي تحوي على غطاء نباتي أقل مما كان عليه في المتوسط بين اعوام 2000-2008. اما المناطق باللون الأخضر فهي التي كان فيها الغطاء النباتي أفضل من متوسط النمو. والمناطق المتضررة من الجفاف تبدو بهيئة قوس يمتد من شمال سوريا الى جنوب ايران وان المنطقة الأكثر تضررا هي شمال العراق التي تعد سلة الخبز التاريخية ، حيث حيث تزرع الحنطة كمحصول شتوي يعتمد على الأمطار التي تسقط بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) وأبريل (نيسان) من كل عام، في الوقت الذي تضاءلت فيه فرص الحصول على مصادر اخرى للمياه مع ترافق انخفاض مناسيب المياه في انهر الفرات ودجلة. أحوال النباتات الظاهرة في الصورة هي نتيجة مباشرة لعدم تساقط الأمطار مما أدى الى تناقص انتاج الحبوب الى أكثر من 85% من اجمالي انتاج العراق.
الصورة التالية توضح معدلات الأمطار لموسمي 2007-2008 و 2008-2009.
وهذه الصوره توضح انتاج المحافظات العراقية من محصول الحنطة لعام 2005-2006 ومساهمة كل محافظة في الناتج الكلي للبلد.
الصور المرفقة الأخرى توضح حالة الغطاء النباتي لعامي 2008 و 2009 المستخلصة من الدليل النباتي NDVI المشتق من صورة MODIS للعامين المذكورين.
الصورة الخامسة ملتقطة بالقمر Quick Bird لمحافظة نينوى ويظهر فيها بعض التحسن الطفيف في حالة الغطاء النباتي (المقاس بالدليل NDVI) للموسم 2008-2009 مقارنة بالموسم 2007-2008.
في حين تظهر في الصورة السادسة حالة الغطاء النباتي في محافظة ديالى لنفس الموسمين المذكورين في اعلاه.
وفي سياق الموضوع نفسه اظهرت دراسة لليونسكو قام بها مؤخرا الباحث البروفيسور ديل لايتفوت رئيس قسم الجغرافيا بجامعة ولاية أوكلاهوما (الولايات المتحدة) والخبير الدولي المعروف في نظم ري "الكارز" حول تأثيرات الجفاف في شمال العراق إذ نتيجة للجفاف في اقليم كردستان العراق وللإفراط في ضخ مياه الآبار انخفض مستوى طبقات المياه الجوفية مما أدى إلى تدهور خطير في تدفق المياه في القنوات القديمة المحفورة تحت الأرض والمعروفة في العراق باسم "كارز" والتي يعتمد عليها المئات من المجتمعات المحلية حيث لم يعد في شمال العراق سوى 116 قناة جوفية من أصل 683 لا تزال توفر المياه للمنتفعين.
ومن بحث انجزته مؤخرا لمراقبة الجفاف في إقليم كردستان العراق بإستخدام تقنيات العلوم الجيومكانية أظهرت نتائجه تقلصا كبيرا في مساحات الغطاء النباتي والمسطحات المائية في منطقة الدراسة مابين عامي 2007 و 2008، فعلى سبيل المثال انخفضت المساحة السطحية لبحيرة دوكان بنسبة 31.1% خلال الفترة من شهر تموز (يوليو)2007 الى تموز2008.
وبالتوفيق للجميع ان شاء الله تعالى.
د. أياد محمد فاضل
أستاذ مساعد - جامعة صلاح الدين/ أربيل