[align=center]
فوضي الخرائط والمصطلحات في الجامعة*:‬

أستـاذ آداب القـاهرة ألغي فلسطـين لأن مساحة الخريطة صغيرة لا تسع دولتين*!‬
[/align]



تحقيق*:‬ منى نور[/size]

في العدد السابق نشرنا ملفا حول فوضي الخرائط والمصطلحات السياسية في مصر،* ‬وركزنا تحديدا علي خريطة صادرة عن وزارة السياحة،* ‬وكتابين،* ‬كان أولهما* »‬الجغرافيا الاقتصادية بين النظرية والتطبيق*« ‬للدكتور فتحي مصيلحي الذي تضمن جداول تدرج اسرائيل بين قائمة الدول العربية،* ‬والكتاب الثاني هو* »‬المجتمع المصري*« ‬من اعداد مجموعة من أساتذة آداب القاهرة بإشراف د.محمد حمدي ابراهيم وتضمن خريطة تضع اسرائيلي علي كامل تراب فلسطين*. ‬وقد حاورنا في العدد السابق صاحب كتاب الجغرافيا الاقتصادية،* ‬وفي هذا العدد نحاور أطراف كتاب* »‬المجتمع المصري*« ‬سعيا الي الحقيقة وليس مزايدة علي أحد*.‬
*»‬أخبار الأدب*« ‬

كتاب* »‬المجتمع المصري*« ‬مقرر علي الفرقة الأولي بجميع الأقسام،* ‬والخريطة التي تضع اسرائيل في الشمال الشرقي لمصر،* ‬بلا ذكر لفلسطين وردت في الفصل الثاني وهو بعنوان* »‬التكوين الجغرافي للمجتمع المصري*« ‬للدكتور محمد صبري محسوب أستاذ الجغرافيا بالكلية*.‬

توجهنا بأسئلتنا أولا الي مراجع الكتاب الأستاذ الدكتور محمد حمدي ابراهيم،* ‬الذي قال إن هذه الخريطة ليست اعترافا،* ‬ولكنهاحقيقة جغرافية بناء علي الواقع الراهن للمنطقة،* ‬منذ عام *٨٤٩١ ‬فصاعدا*.‬
ثم أوضح*: ‬هناك مدرستان،* ‬المدرسة القديمة وكانت تري عدم ادراج اسم اسرائيل في الخرائط،* ‬وكان ذلك حتي عصر جمال عبدالناصر وبعد ذلك تغير الموقف السياسي وأصبحنا نري اسم اسرائيل وفلسطين معا،* ‬بمعني أن هناك دولة لاسرائيل ودولة محتلة بفلسطين لا يمكن نسيانها*.‬

*- ‬لكن الخريطة بها اسرائيل فقط؟ كيف تري ذلك،* ‬وألا يمثل ذلك خطورة علي فكر الطلاب؟
يقول د.ابراهيم،* ‬هذا أمر* ‬غير مقصود،* ‬قد يرجع الي* ‬السهو،* ‬ولا يمثل خطورة كما تقولين،* ‬الخطورة ربما تكون التعمد وليس في السهو أو النسيان،* ‬ومع ذلك ودرءا لهذا اللبس أنا أطالب المستخدمين للخرائط بتحري الدقة والحرص علي الاتيان بخريطة فيها اسم فلسطين،* ‬كما نري ذلك في الخرائط العالمية،* ‬التي بها اسرائيل وبجوارها قطاع* ‬غزة والضفة الغربية*.‬
ونفي د.حمدي ابراهيم أن يدخل ذلك في قضايا التطبيع موضحا أن التطبيع ينصب علي التعامل مع الدولة ونظامها السياسي،* ‬أمانحن كمصريين جميعا فنحن ضد التطبيع والتعاون مع الكيان الصهيوني بأي صورة من الصور*.‬
وأضاف د.ابراهيم*: ‬قرأت المادة التي كتبها د.محمد صبري محسوب* - ‬أستاذ الجغرافيا الطبيعية،* ‬وكلها تتحدث عن مصر،* ‬وليس بها أي حديث عن دولة اسرائيل علي الاطلاق،* ‬فيما خلا الخريطة الجغرافية التي توضح موقع مصر ودول الجوار المحيطة* ‬
وأكد د.ابراهيم،* ‬نحن لا نقبل المزايدة علي وطنية أحد وأتهم الآخرين بأنهم* ‬غير وطنيين،* ‬فالوطنية مثل التدين،* ‬وهي جزء من الايمان والشخصية*.‬

وأشار لا يجب أن نخلط بين التطبيع الذي هو مسلك فردي وبين الحقائق* ‬العلمية واجبة الذكر*.‬
وأكد،* ‬أن ما جاء بالكتاب مسائل علمية بحتة،* ‬لم تدخل في مسألة التطبيع فالمطبعون معروفون،* ‬والشعب كله يعرف ماذا يفعلون،* ‬أما نحن كأساتذة جامعة،* ‬رجال علم نتعامل مع الكتب والمراجع والحقائق المجردة والمنزهة عن أي هوي*.‬
غفلة* ‬غير مقصودة

وعن رأيه فيما جاء بالكتاب بصفته أحد المشاركين في تأليفه،* ‬يقول الدكتور محمد عفيفي،* ‬أستاذ ورئيس قسم التاريخ بالكلية*: ‬الموضوع الخاص بي في الكتاب عن* (‬نهضة مصر الحديثة*) ‬ونشأة القومية المصرية،* ‬وأنا أتصور أن الخريطة سيئة،* ‬وأتصور أنها وضعت بغفلة* ‬غير مقصودة*.‬

كأستاذ تاريخ كيف تري خطورة مثل هذه الخرائط؟
يقول د.عفيفي،* ‬لابد أن نكون حريصين علي دقة الخرائط،* ‬مثل حرصنا علي الوثائق التاريخية،* ‬وهنا تكون الدقة مطلوبة في اختيار الخرائط*.‬

ويري د.عفيفي أن للخرائط أهمية قصوي لنا كمصريين،* ‬خاصة حينما استعان بها د.يونان لبيب رزق في استعادة طابا،* ‬كما يري أن كل أساتذة كلية الآداب يحترمون الحقوق العربية والتاريخية في فلسطين،* ‬مشيرا الي أن ما حدث كان نتيجة* ‬غفلة وليس نتيجة موقف مسبق أو محدد*.‬
مسألة حجم
وسألت صاحب الموضوع د.محمد صبري محسوب،* ‬لماذا اسرائيل وليست فلسطين في تحديدك لحدود مصر أجاب*:‬
لم أحدد فلسطين ولا اسرائيل،* ‬وليس لاسرائيل علاقة بالخريطة ولا بموضوع ومحتوي الكتاب،* ‬فالكتاب يتحدث عن المجتمع المصري،* ‬وهو ليس حجة علي وجود اسرائيل من عدمه،* ‬فالخريطة تعني بمصر فقط ولم أذكر في الموضوع أي كلمة عن اسرائيل كما أن حدود مصر الشرقية سليمة علي الخريطة،* ‬وليست محرفة،* ‬وقد ذكرت في صـ*٦٤ ‬من الكتاب أ ن حدود مصر الشرقية مع كل من اسرائيل وقطاع* ‬غزة،* ‬ولم أناقش حدود مصر مع اسرائيل أو* ‬غيرها،* ‬وحجم* ‬الخريطة ومقاسها لا يسمح بتحديد قطاع* ‬غزة أووضع المسمي عليها*.‬
ويري د.محسوب أن الخطأ ليس في خريطة تقديرية،* ‬توضيحية،* ‬وانما الخطأ* - ‬من وجهة نظره* - ‬في وضع أطلس لمصر،* ‬وأكتب عليه كلمة اسرائيل،* ‬أو عمل خريطة خاصة باسرائيل،* ‬وأكد أن الخريطة التي بالكتاب ليست وثيقة،* ‬خاصة أن الكتاب الذي وردت فيه ليس له رقم ايداع ولو كان له رقم ايداع لتم المحاسبة عليه،* ‬فهو كتاب يدرس وليس مرجعا،* ‬والخريطة التي فيه توضيحية تقريبية،* ‬وأن ما جاء بالكتاب عبارة عن موضوع وليس بحثا أو مقالة،* ‬كما أن الموضوع قد شمل خرائط أخري* (‬خريطة *٢ ‬صـ*٨٤ ‬عن تضاريس مصر ليست فيها اسرائيل،* ‬وخريطة *٣ ‬صـ*٥٥ ‬للدلتا ولم تأت بالخريطة سيناء كلها بل *٢/٣‬،* ‬هل معني ذلك أنني أعطيت الـ*١/٣ ‬الباقي من سيناء لاسرائيل*. ‬وأكد د.محسوب أن للخرائط علما كاملا له مصادره،* ‬وعندنا شعبة كاملة* (‬شعبة الخرائط*) ‬نقوم فيها بتدريسها،* ‬وليس معني وجود اسرائيل علي الخريطة،* ‬أن ذلك اعتراف مني بها،* ‬ولكنه وضع سياسي رغم اعتراف دولتنا بها،* ‬هناك فرق بين واقع موجود،* ‬وشعوري تجاهه،* ‬هل أنا مقربه به أم لا؟ واجابتي في ديوان شعر لي بعنوان* (‬مقاصد في قصائدي*) ‬فيه قصيدتان،* ‬الأولي* (‬غزة الكرامة*) ‬والأخري* (‬اسرائيل عدونا*)‬،* ‬وهذه القصائد منشورة في مجلة الدبلوماسي والديوان له رقم ايداع*.‬

كما أكد د.محسوب،* ‬أنا لست معترفا باسرائيل،* ‬وأنا ضد التطبيع مشيرا أيهما أكثر تأثيرا خريطة وضعت اسم اسرائيل فيها بشكل عرضي،* ‬أم قصائد في ديوان شعر معاد لاسرائيل وهو ديوان له رقم ايداع وموثق*.‬
وأوضح د.محسوب،* ‬أن الأطالس متغيرة فهي تجدد سنويا،* ‬حسب أي تطور أو تغير سياسي في العالم،* ‬مثلما حدث لدول آسيا الوسطي الاسلامية التي أصبح لها حدود واضحة* - ‬بعد تفكك الاتحاد السوفيتي،* ‬مطالبا بأن يكون التركيز علي الخرائط* (‬الأطالس*) ‬الدولية لأنها مصدر المعلومة المطبوعة لدي شركات ومؤسسات عالمية أو قومية كبري يتم تداولها من قبل هذه المؤسسات في أسواق المكتبات أو المعارض الدولية،* ‬نافيا الاعتماد علي الكتب الدراسية،* ‬حيث أن خرائطها ليست مرجعية يعتمد عليها*.‬

أليس في ذلك خطورة علي تعليم الطلاب؟
ما قلته ليس له خطورة في تعليم طلابنا،* ‬فهذا الجيل متفهم تماما الوضع السياسي الراهن،* ‬وكيف أن اسرائيل كيان استيطاني قضيتنا معه ممتدة،* ‬بدليل المظاهرات الطلابية التي تخرج بشكل دائم للدفاع عن* ‬غزة والأقصي وأي قطعة من أرض فلسطين،* ‬كما أن هذا الكتاب يدرس منذ *٦ ‬سنوات علي جميع طلاب الفرقة الأولي ومراجع مراجعة نهائية ولم يقابل بأي اعتراض*.‬
مشيرا الي أن الاعتراض يجيء من انسان متخصص،* ‬وموضحا أن العلم ليس به أي سياسة،* ‬فنحن ندرس علما مجردا وليس سياسة*.‬
وفي نهاية الحوار معه تساءل د.محسوب،* ‬لماذا لا نأخذ موقفا من كل دور النشر العالمية التي أصدرت جميع الأطالس وبها اسرائيل،* ‬ونمتنع عن الاستعانة والاستشهاد بخرائطهم*!‬

وعن رأيه كأستاذ جامعي ومفكر،* ‬فيما يتضمنه الكتاب الجامعي من معلومات وخرائط من هذا النوع،* ‬وهل في جامعات الصعيد حالات مشابهة لذلك؟ يقول الدكتور نصار عبدالله*:‬
قرأت في العدد السابق لأخبار الأدب،* ‬حوارا عما ورد في كتاب الدكتور فتحي مصيلحي،* ‬ذلك الكتاب الذي أثار مشكلة في كلية الآداب جامعة حلوان،* ‬فإن ما ورد في الكتاب شيء محزن،* ‬لكنني لا أشكك في وطنية صاحبه إلي أن يثبت العكس،* ‬وأرد الأمر* ‬غالبا الي الاهمال وغياب الأمانة والدقة،* ‬مشيرا الي أن أبسط مقتضيات البحث العلمي هي الالتزام الدقيق أو اخضاع المصطلحات التي يستخدمها الباحث للتصنيفات التي تتفق معها،* ‬فلا يجوز أن أدرج كيان اسرائيلي* (‬أيا كان وضعه السياسي*) ‬تحت عنوان الدول العربية،* ‬وهذا يرجع اما الي أنه نقل أو أخذ الاحصاءات عن مصدر ما ملتزما بنفس التسميات التي اتخذها ذلك المصدر دون التفات الي السياق الجديد الذي يوظفها فيه،* ‬وهذه مسألة شائعة بين صغار الباحثين الذين ينقلون نقلا أعمي من المصادر،* ‬وأندهش أن يكون مثل هذا قد صدر من أستاذ كبير*.‬

وأكد د.نصار أنه لو كان الأستاذ يقظا أو منتبها،* ‬أضعف الايمان أن يضع اسرائيل بين قوسين،* ‬لأن اسرائيل بأكملها كيان بين قوسين،* ‬لأنها الدولة الوحيدة في العالم التي ليس لها حدود منذ أن صدر لها قرار التقسيم عام *٧٤٩١ ‬وحتي الآن،* ‬وهي في كل يوم تبتلع أو تضيف أو تضم أرضا،* ‬وان شاء الله ربما تفقد أرضا حين يعود الحق لأصحابه،* ‬نحن لا نفقد الأمل*.‬
ويشير د.نصار الي أن هذا النوع من الأخطاء يهدد قيمة وطنية من خلال اهدار قيمة علمية،* ‬دون أن ينتبه من صدر منه هذا الخطأ وفي حدود ما أعلم أن مثل هذه الوقائع* ‬غير موجودة في جامعات الصعيد،* ‬لكن هناك* ‬بالقطع اهدارا* ‬لقيم علمية كثيرة*.‬


منقول من

أخبار الادب رقم العدد: 872 الأحد 4 ابريل 2010


http://www.akhbarelyom.org.eg/adab/i...ld=news&id=189