[align=center]الصراع المحتدم في أبعاد الخرائط
أعرف أن بعض الأصدقاء مازالت تستهويهم مشاهدة المصارعة الحرة والضرب والركل داخل الحلبة، بل إن البعض ينشد أكثر عند الضرب تحت الحزام أو مخالفة الأنظمة كضرب الحكم مثلا.
إن المنافسة المحتدمة بين الأضداد والصراع والمنافسة الشرسة المباشرة وغير المباشرة من القضايا ذات المتابعة العالية والممتعة من قبل المراقبين وجمهور المهتمين. ولعل ما يستهويني هذه الأيام متابعة الصراع المحتدم غير المباشر القائم بين شركتي مايكروسوفت وجوجل، حيث تتبادلان توجيه اللكمات القاسية لبعضهما البعض.
ويدور آخر قتال في حلبة برامج الخرائط المعتمدة على الأقمار الصناعية. حيث وجهت شركة مايكروسوفت (صاحبة برنامج Virtual Earth) هذا الشهر صفعة قاسية لشركة جوجل (صاحبة برنامج Google Earth) وذلك بتوفير خرائط ثلاثية الأبعاد لـ15 مدينة أمريكية بشكل يمكن المستخدم من الاطلاع على المدينة وكأنه طائر يحلق في سمائها، بحيث يتمكن المستخدم من معرفة ارتفاع المباني وشكلها الهندسي، وهو ما لا يتوافر في صور الأقمار الصناعية ثنائية الأبعاد. وبالطبع وجدت مايكروسوفت طريقة مبتكرة لكسب المال من هذه الخرائط، حيث قامت بوضع لوحات إعلانية معلقة داخل تلك المدن الافتراضية، بحيث يمكن للمستخدم أن ينقر عليها ليذهب إلى موقع الشركة صاحبة الإعلان.
فإذا كانت شركة جوجل خسرت جولة البعد الثالث مبدئيا، فلقد قامت بإدخال البعد الرابع (وهو البعد الزمني) في برنامجها. فبرنامج جوجل إيرث يحتوى الآن على خرائط يعود تاريخها إلى عام 1710 م! بحيث تم عرض هذه الخرائط كطبقة اختيارية فوق صور الأقمار الصناعية التي اعتاد عليها مستخدموا البرنامج. ومن ضمن هذه الخرائط خريطة لبعض البلدان العربية مثل بلاد الشام وفلسطين وجزء ضئيل من المملكة العربية السعودية يعود تاريخها لعام 1861م. فمن المعروف تاريخيا والملاحظ على هذه الخريطة عدم وجود أي ذكر لما يسمى دولة إسرائيل على أرض فلسطين.
ما قامت به شركة جوجل من دمج للخرائط القديمة في برنامجها، ما هو إلا استعراض للعضلات. فليس هناك أي تطبيق محتمل لهذه الخاصية (سوى بعض الاستخدامات المحدودة لفئة قليلة جدا من المؤرخين وغيرهم). وأعتقد أن الغرض منها هو وضع برنامج جوجل إيرث في مانشيتات الأخبار لكي يتحدث عنه الناس.
بغض النظر عماتسفيده الشركتان مما تقومان به، فإن هذه المنافسة الحامية هي الوقود الذي يدفع الشركات المختلفة لتقديم أفضل مالديها، وبالتالي فإن المستفيد الأخير هو المستخدم. ورغم استمتاعنا بتنافس هذه الشركات واستخدامنا واستمتاعنا بحلاوة ما يقدمونه، إلا أن الحقيقة المرة أننا مازلنا خارج الحلبة مع المتفرجين فلم تصل بنا الجرأة للدخول في هذه الحلبة أو حتى الاقتراب منها، فأين العقول المبدعة وأين الاستثمارات الجريئة؟!

د. عبد القادر الفنتوخ
http://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=52559
[/align]