[align=justify]أخي وهيب
سؤالك لا تنفع معه إجابة مختصرة، فكن صبوراً علي
في أعتقادي إن إصلاح التعليم في العالم العربي هي أهم مشكلة تواجهننا اليوم، بل لعلي لا أبالغ إذا حسبتها التهديد الرئيسي للأمن القومي العربي، فأنا أتفق معك أن لدينا الكثير من المقومات والأمكانات لتطوير تعليمنا وما يستتبعه من نهضة علمية تنعكس على التنمية الأجتماعية والإقتصادية، لكن للأسف فإن هذه المقومات والأمكانات موظفة بصورة غير مثالية.
في أعتقادي أن أصلاح التعليم في العالم العربي لابد أن يعتمد على عدة مرتكزات، سأحاول أن أعرضها هنا باختصار.
الركيزة الأولى هي أصلاح الهيكل التنظيمي والمالي للمؤسسات التعليمية، فكثير من البلاد العربية – مثل مصر وسوريا – تكفل الدعم المالي الكامل للمؤسسات التعليمية التابعة للدولة وتوفير فرصة التعليم المجاني – ابتداء من التعليم الأساسي إلى التعليم الجامعي – لجميع المواطنين. في رأيي أن هذه الخطة هي أهم عوامل أضعاف المؤسسات التعليمية، فمن ناحية أعضاء هيئة التدريس يعرف هؤلاء أن لا يمكن طردهم من مناصبهم بمجرد تعيينهم في الجامعة حتى ولو كانوا لا يفقهون شئ في الموضوعات التي يتصدون لتدريسها وحتى لو كان إنتاجهم العلمي صفر، ففي الجامعات الأمريكية يتوقف أستمرار الأستاذ في كرسيه على مدى أقبال الطلاب على مواده التدريسية وحجم الأبحاث التي يقوم بها وهي غالباً أبحاث ممولة من الصناعة والمؤسسات المختلفة وليس من الجامعة نفسها، بينما في بلادنا يفتخر بعض الأساتذة أنهم لا ينجح في صفوفهم أحد، رغم أنه في الغرب ينظر إلى هذا على أنه علامة سلبية تعتبر مقدمة للتخلص من مثل هذه العناصر.
أما على مستوى الطلاب، فكثير من الطلاب لا يشعرون بقيمة التعليم الذي يتلقونه نتيجة أنهم يتلقونه مجاناً، وينعكس هذا على سلوكياتهم في اليوم الدراسي من إهمال وعدم مبلاة وفي أحيان كثيرة إبداء عدم الأحترام المتعمد للأساتذة. كما أن مجانية التعليم المكفولة للجميع تؤدي إلى عدم قدرة الدولة على توفير خدمة تعليمية ذات جودة مقبولة على المستوى العالمي، والنتيجة آلاف من الخريجيين الذين لا يستطيعون منافسة خريجي دول ذات نظم تعليم قوية مثل الهند والصين ناهيك عن دول الغرب.
إن إعادة الهيكلة التنظيمية والتمويلية للمؤسسات التعليمية ينبغي أن يتم في أطار استراتيجية وطنية لإصلاح التعليم تعتمد على الأهداف الوطنية وتقييم الوضع الأقتصادي والإجتماعي لهذه الدولة
الركيزة الثانية تتمثل في تحفيز مؤسسات القطاع الخاص على دعم المؤسسات التعليمية والبحث العلمي، حتى يتوفر بديل للتمويل الحكومي ويتم تعزيز تكامل البحث العلمي مع القطاع الخاص، ويمكن تحفيز هذا القطاع من خلال الخصم الضريبي، كما ينبغي تشجيع أنشاء صناديق أهلية تتمثل نظام الوقف الإسلامي لدعم المؤسسات التعليمية والبحثية
الركيزة الثالثة هي التعريب حيث أن الدراسة باللغات الأحنبية في كثير من المجالات تقف كعائق بين الطالب والباحث العربي وبين الموضوع العلمي أو التقني الذي يدرسه، ويتوفر في العالم العربي عدد كبير من المترجمين البارعين القادرين على القيام بأعباء حملة ترجمة منظمة للكتب العلمية تحت مظلة التعريب الذي تقوده وتدعمه الحكومات، أما هؤلاء الذين سوف يزعمون أن العربية ليست لغة علمية فماذا عن الفيتنامية والصينية هل هذه لغات علمية؟
الركيزة الرابعة هي تعزيز دراسة الرياضيات، فالرياضيات هي اللغة الموحدة للعلم، وكل ما لم يمكن قولبته في إطار رياضي فهو ليس بعلم أو هو علم منقوص أو خبرة غير معللة. وللأسف فإن الطلاب العرب يعانون ضعف يتثير الكآبة في حقل الرياضيات، يكبل عقولهم عن فهم ما وراء التقنيات، فيتوقفون عند تطبيق هذه التقنيات لا يتعدونه
أعرف أنني لم أوجز، لكني حاولت أن أوضح وجهة نظري والتي قد يعترض عليها البعض وقد ينتقدها البعض لكني أعلم أن القراءة المتأنية العادلة قد تجد في هذا الرأي شئ من الصواب[/align]