أنا أبرأ مما ذكرته الأخت هند عني، فلا علم أرفعه ولا نار، ولست إلا بمجتهد في جميع ما أعمل، وقد أخطئ أكثر من أن أصيب، وأنا أشكو في الحقيقة من القصور في علمي وفي جهدي.
أظن السبب في مثل هذا الاتجاه في قسم الجغرافيا قد عبر عنه الأخ الزميل الدكتور جمعه في رده على إحدى المشاركات الأخرى. أي أن هناك قناعة بعدم نجاح أي طالب أو طالبة في بحث يستخدم هذه التقنيات ما لم تكن هناك شعبة دراسية منبثقة من خطة دراسية أعم تُدّرس من خلالها مقررات في الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية. ويكمن أن تبدأ هذه الشعب من مرحلة البكالوريوس. غير أننا للأسف لا يوجد لدينا مسارات متعددة واضحة حتى في برنامج الدراسات العليا بالقسم. لذلك فإن البديل أن يعتمد الطالب على مجهوداته في الالتحاق بدورات علمية في هذا المجال أو بالإطلاع والمران وسؤال ذوي الاختصاص حتى تتعدل لدينا الخطط الدراسية كما ألمح الدكتور جمعه.
ولا أظن أن كثيراً من الدارسين الذين استخدموا نظم المعلومات الجغرافية أو الاستشعار عن بعد في رسائلهم العلمية هنا في المملكة، سواء في جامعة الملك سعود أو جامعة الملك عبدالعزيز، قد درسوا كثيراً من المقررات الدراسية في مرحلة الماجستير أو الدكتوراه عن هاتين التقنيتين. قد يكون هناك مقرران أو ثلاثة في برنامج الماجستير أو الدكتوراه تشكل بداية صالحة للطالب للبحث والتعمق أكثر في أساليب هذه التقنيات وطرق التطبيق فيها. ولدينا أمثلة صالحة لكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه في الجامعات السعودية - حتى في جامعة أم القرى - لم ينخرط فيها الطلاب في شعبة دراسية مخصصة محورها إحدى هاتين التقنيتين، ومع ذلك قدموا أعمالاً متميزة. ولدينا أمثلة عديثدة رائعة في هذا المنتدى ممن لم ينخرط في مثل هذه الشعب الدراسية، ومع هذا فبجهودهم وطموحهم ورغبتهم الحثيثة في التعلم علموا أفضل مما نعلم. وبصراحة فإن المشكلة أن بعضنا عندما يحصل على درجة الدكتوراه يظن أنه قد ملك العلم من أقطاره، بل وربما ينتقص ممن تعلم منهم ودرس لديهم. ولو كان نطبق القول الدارج "علمت شيئاً وغابت عنك أشياء" لكنا بخير عميم.
أنصح الأخت هند وأضرابها بالعمل الجاد على موضوعاتهن البحثية وعدم التمسك الشديد باحتواء عناوين رسائلهن على مسمى تلك التقنيات أو الأدوات كما يقول البعض، فالمحتوى أهم والبقاء للأصلح.
وقد سمعت أحد الأساتذة الكبار في جامعة أمريكية يبدي امتعاضه كثيراً من التوجه الشديد للطلاب نحو هذه التقنيات وأنها لا تقدم ولا تؤخر في دراسة الظاهرات. ثم رأيته والله بعد زمن ليس بالبعيد يجلس إلى جانبي يدرس معي إحدى المقررات المتعلقة بالتحليل الحاسوبي للبيانات الجغرافية. علماً بأن من درس ذلك المقرر هو أحد طلابه السابقين.
هناك البعض ممن ينفر من التعلم بهذه الطريقة، أو حتى بالولوج فقط إلى عالم هذه التقنيات ولو من بعيد،ولذلك يحرص على بقاء عجلة الزمن ثابتة على اليوم الذي حصل فيه على درجة الدكتوراه.