[align=justify]تقول الأخت مريم في سؤالها، بعد الثّناء على ما تقرؤه في هذا الحوار المفتوح: أتمنى من سعادتكم طرح مشكلة تمت معالجتها عن طريق الاستشعار عن بعد .. وأن تكون من بداية المشكلة إلى إيجاد الحلول .. لكي يعرف ما هو المقصود بالاستشعار عن بعد وكيف يستخدم في حل المشكلات الجغرافية ....[/align]

[align=justify]شكرًا للأخت مريم على إشادتها بما يُطرح في هذا الحوار، وعلى سؤالها القيم... وأقول إن من توجهات النّادي أن يُعلِّم ويدرَّب أعضاءه على ما أمكن من تقنيات متاحة في مجاله. وقد بدأ فعلاً بطرح الأسس النّظرية لنظم المعلومات الجغرافية، على أن يتبعها بعد ذلك تطبيق عمليّ مباشر ستعرف آلياته بعد الفراغ من طرح الأسس، ومناقشتها من قبل الأعضاء المهتمين. فندعو الجميع إلى المشاركة، والحوار لتعمَّ الفائدة. وأظن أن الأخت عزيزة الشهري اقترحت على النَّادي تعليم نظام الآيرداس لمن يرغب على غرار تعلّم أرك جي أي إس؛ فثنّى الأستاذ فهد الأحمدي (على ما أظن) على اقتراحها، ولكن بعد الفراغ من ما شرع فيه النَّادي أولاً. والأيرداس برنامج ضخم يُعد من أفضل البرامج في معالجة الصّور الرّقميّة الملتقطة بواسطة الاستشعار عن بعد أو غيره.

والمشكلات التي يمكن معالجتها بتقنية الاستشعار عن بعد كثيرة لا يمكننا حصرها لتعدّد المجالات التي تسترفدها، ولتطوّرها السّريع وتغيّرها ممَّا يكسب دائرة تطبيقاتها اتساعًا عظيمًا مشهودا. ويمكنني هنا أن أسوق بعض المفاهيم وأشير إلى بعض التنبيهات عند استخدام تقنية الاستشعار عن بعد في حلول المشكلات الجغرافية أو غير الجغرافية.

ومن أول التنبيهات أن لا تُحصر تقنية الاستشعار عن بعد في تصنيف ظواهر الصور (Image Classification)، أو في رصد التَّغيّر الظاهر فيها (Change Detections) لأسباب منها ما يلي:

أولاً: أنَّ هذه التَّقنية مكّنت في بدايتها المستخدم للمرّة الأولى من النّظر إلى مساحة كبيرة من الأرض نسبيًّا فعمد إلى دراسة ما في هذه المساحة من تغيّر وما فيها من أشياء. فكان التّصنيف والرّصد مع قلّة الاكتراث بالدّقة الهندسية في المنتج لقلتها آنذاك. ثمَّ تطوّرت هذه التَّقنية تطوّرًا سريعًا حيث أخذت ببعض ميادئ المساحة التصويرية الجويّة (Photogrammetry) في تداخل التّغطية وفي الدّقة. فأصبحت تمكّن المستخدم من رؤية الأشياء مجسَّمة في حدود سنتمترات معقولة قابلة للتَّحسّن في المستقبل القريب. وعلى هذا ينبغي لنا أن نوسّع مدى النّظرة القديمة المنحصر في التّصنيف والرَّصد، لتطول تطبيقات المساحة التصويرية وهي كثيرة أيضًا.


ثانيًا: ينبغي لنا دائمًا أن نحرص على ربط الصور بالأرض عن طريق نقاط تحكّم من شبكات أرضية معلومة، أو من أرصاد مساحية بتقنيات الجي بي إس أو غيره لتكون المعلومات المستقاة من الصور بعد المعالجة صحيحة (دقيقة)، متّسقة مع غيرها غير شاذة عنها.

ثالثًا: ينبغي لمن يهتمّ بتقنية الاستشعار عن بعد أن يجعلها متّصلة مع غيرها من التّخصصات الأخرى وما أكثرها، ومتضافرة مع سواها من التَّقنيات المتاحة كنظم المعلومات الجغرافية، ونظم الرّصد المتطوّرة، ولا ينظر إليها كتخصّص مستقل مكتف بذاته.

رابعًا: هناك مجالات رحبة يمكن الانطلاق إليها من خلال الاستشعار عن بعد للميزاته الكثيرة من أهمِّها تطويع الآلة للقيام بعملية تفسير الصور دون أدنى تدخل من الإنسان. .... (Automatic Interpretation). ولا نعني بهذا ما هو موجود منه الآن، بل الهدف أبعد من ذلك بكثير.


وقد كتبت قبل سنوات قليلة بحثًا بعنوان: أوجه التشابه والاختلاف وآفاق التكامل التقني والمنهجي بين المساحة التصويرية والاستشعار عن بعد. نشرته الجمعية الجغرافية السعودية في مجلة "سلسلة بحوث جغرافية" العدد 52، يمكن العودة إليه وإلى غيره لمن يريد الاستزادة، وبالله التّوفيق. ونوط (رابط) الجمعية موجود على صفحة هذا النادي.

شكرًا لمريم وللقراء جميعًا.


ظافر بن علي القرني [/align]


الخميس 17/1/1427هـ