-
رد : سؤال الى أخصائي المساحة والخرائط
[align=justify]تطرقت المناقشة لبعد أكثر عمقا (ربما للمرة الأولي منذ فترة طويلة في مناقشات أعضاء النادي !!) وهذا شئ طيب. وكما قال أخي الكريم د. علي أن السؤال الآن أصبح مختلفا عن بدايته وهذا ما يجعل الإجابة تختلف أيضا. بالطبع كان تعليقي الأول بصورة عامة ولم أرد التوسع في المناقشة خوفا من أن أتطرق لما لا يعني السائل ولا يريده (الكل في المنتديات يريد إجابة سهله وسريعة و قليلا هم من يريدون الفهم).
في البداية أقول أن دقة القياس من مرئية لن تقل عند دقة المرئية ذاتها ، فللأسف البعض يظن أن المرئيات عالية التفاصيل high-resolution images تعطي دقة عالية جدا في القياسات سواء الأطوال أو المساحات. ثانيا هناك عوامل أخري – بجانب دقة المرئية – تؤثر في دقة القياس ربما كان نوع الإسقاط و التشوه من أبرزهما. وأورد مثال يحدث كثيرا في القياسات المساحية الأرضية: يستخدم شخص جهاز جي بي إس هندسي (دقته 1-3 سنتمتر) ويفاجأ بعد ذلك أن دقة أرصاده تصل إلي 10-20 سنتيمتر ! وينسي أن دقة الراصد و أسلوب الحساب يضيفان مصادر أخري للخطأ بالإضافة لدقة الجهاز نفسه. فبالتالي لا تتوقع – أخي عبد الله – أن دقة قياس المسافة ستكون هي دقة المرئية فقط لا غير ، فبالتأكيد ستكون أكثر من ذلك.
نعم أخي د. علي فمصطلح الخطأ الحقيقي True Error لا يفهمه الكثيرون ، فلكي نعرف خطأ أي مسافة –مثلا- يجب أن نقارن القيمة المقاسة بالقيمة الحقيقية لهذه المسافة. لكننا في كل الأحوال لا نعرف القيمة الحقيقية (لأي شئ في الكون ، سبحانك يا ربي) فنستعيض عنها بقيمة دقيقة أقرب ما تكون للصح Most-Probable Value. مرة أخري مثال من القياسات المساحية: لكي نعرف خطأ مسافة مقاسه بالجي بي إس نقارنها بقيمة نفس المسافة التي تم قياسها بتقنية أدق من تقنية الجي بي إس (مثل تقنية VLBI). ففي حالتنا للسؤال الحالي: فلكي أعرف دقة accuracy المسافة المقاسة من المرئية يجب أن أقارنها بقيمة هذه المسافة والتي تم قياسها بوسيلة أو طريقة ذات دقة أحسن من دقة المرئية ذاتها.
العامل الجديد في المناقشة الموسعة الآن أن المسافة التي نتحدث عنها الآن (من بيروت إلي مكة) ليست مسافة واحدة (جزء واحد) لأنها في الأساس سيتم قياسها من عدة مرئيات (لا توجد مرئية واحدة تغطي كل هذه المساحة من الأرض). ومن المعلوم في علم الإحصاء و نظرية الأخطاء Theory of Errors أن دقة مجموعة من المسافات (الأجزاء) لا تساوي دقة الجزء الواحد ، لكن هناك قوانين رياضية لحساب الخطأ المحتمل في المسافة الكلية بناءا علي تحديد قيم الخطأ المحتمل في كل جزء من أجزاء هذه المسافة. كمثال: لحساب الخطأ المحتمل في مسافة مكونة من جزأين دقة كل جزء منهما 5 ، 7 سنتمتر علي الترتيب = الجزر التربيعي ( مربع 5 + مربع 7) فيكون الناتج 8.6 سنتيمتر. فإذا كان كلا الجزأين لهما نفس الدقة 5 سنتيمتر فأن خطأ المسافة الكلية = 7.1 سنتيمتر. لاحظ أن دائما يكون دقة المسافة الكلية أكبر من دقة كل جزء من أجزاؤها. مرة أخري هذا الحساب يأخذ في الاعتبار عامل واحد فقط وهو دقة الجزء الواحد ، لكن مازالت هناك عوامل أخري يجب اعتبارها في حساب القيمة النهائية الأكثر احتمالا للمسافة الكلية (تأثير التشوه علي سبيل المثال). وكل هذا يؤدي بنا إلي تحديد الصحة – إن جازت الترجمة لكلمة precision – وليس الدقة accuracy. فالدقة لا يمكن معرفتها إلا بمعرفة القيمة الحقيقية كما سبق الإشارة إليه في تعليق د. علي.
أريد أن أعطي مثال افتراضي بسيط عن فرق قياس المسافة باستخدام مراجع مختلفة: بفرض وجود نقطتين إحداثياتهما الجغرافية هي (30 شمالا ، 31 شرقا) و (31 شمالا ، 32 شرقا) ، فأن المسافة المائلة بينهما علي مجسم أو مرجع WGS84 بدون أي إسقاط (أي مسافة علي الالبسويد) تساوي 146649 متر. فإذا أسقطنا النقطتين باستخدام نظام UTM الشريحة 36 فأن المسافة الأفقية المسقطة تساوي 146630 متر. أي أن الفرق بين المسافة علي الالبسويد (أي علي الأرض المجسمة) والمسافة علي الخريطة = 19 متر! بما يعادل 0.013% من المسافة الأولي أو بصورة أخري خطأ يساوي 0.01 سنتيمتر لكل 1 كيلومتر. أتري أخي الكريم – عبد الله – كم تغيرت المسافة فقط بتغير المرجع الذي يتم القياس عليه وهل هي مسافة مائلة أم أفقية؟ هذا في مسافة ليست كبيرة (147 كم فقط) فما بالك بالمسافة بين بيروت و مكة؟
في النهاية أخشي (مثل د. علي) من أن يعتبر البعض مثل هذه الردود من باب استعراض العضلات العلمية فقط ويقول أن أعضاء النادي ليسوا بحاجة لكل هذا الكلام الغامض لأنهم ليسوا طلاب جامعات !! وأرجو أن يتذكر الجميع أن من يقوم بأي رد في أي منتدى يكون هدفه الأول و الأخير نيل رضاء المولي عز و جل وليس رياءا ولا سمعة ، والله أعلم بسرائر قلوب عباده.
[/align]
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى