الاخوة الاعزاء

أثرتم موضوع مهم جدا و شائك في نفس الوقت ... نقل التقنيات الحديثة الي مجتمعاتنا و الاستفادة منها .. ودعوني أدلي بدلوي ورأيي المتواضع وتجربتي الشخصية:

أولا لا بد من معرفة الاسس النظرية - ولو بصورة بسيطة - عن أي تقنية قبل استخدامها ولن يكون التدريب العملي بديلا عن الدراسة النظرية أولا .... ولنأخذ مثال بسيط في نظم المعلومات الجغرافية: اذا كان لدينا عدة مصادر للبيانات مثلا خريطة و مرئية فضائية ونريد ادخالهما للنظام للاستفادة منهما ... ان لم يكن لدينا فكرة نظرية عن اختلاف المراجع الجيوديسية و اختلاف نظم الاسقاط فأن الناتج من مثل هذا النظام سيكون خطأ ولن تكون نتائجه صحيحة. وعلي الجانب الاخر فليس المطلوب مني أن أكون متخصصا في المساحة و الجيوديسيا لكي أستطيع معرفة المعادلات الرياضية لتحويل خريطة من مرجع و اسقاط لمرجع و اسقاط اخر... الان كل برامج نظم المعلومات الجغرافية تستطيع اتمام هذه التحويلات بدون أي تدخل من المستخدم.. لكن الفكرة الاساسية أن أحدد أنا للبرنامج نوع المسقط و المرجع لكل مصدر من مصادر بيانات المشروع الذي أعمل به ، ثم يقوم البرنامج بعملية التحويل لضمان أن تكون جميع البيانات سواء من الخريطة أو المرئية الفضائية في نفس نظام الاحداثيات وبالتالي تكون نتائج مشروعي صحيحة و دقيقة.

أما عن النقطة الاخري التي أثارت شجوني وهي مستوي التدريب سواء الاكاديمي داخل الجامعات أو التجاري في الشركات ومراكز التدريب الخاصة... من وجهة نظري أن العامل الاساسي هنا هو تمسكنا بالدين الاسلامي الحنيف وقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه".... فلو اتبعنا هذا الامر السماوي فأن كل شخص مطالب في مجتمعنا الاسلامي أن يقدم كل مايستطيع من مجهود وخبرة في مقابل ما أرتضي أن يأخذه كأجر سواء كان راتبه من العمل الجامعي أو رسوم الدورة التدريبية.... للاسف سأقول أن هذا المبدأ الاسلامي هو المطبق في الدول الغربية وليس في مجتمعنا الاسلامي... سأحكي لكم قصة طريفة أثناء دراستي الجامعية بأمريكا: جاءني المشرف علي رسالتي وقال لي أنه مسافر لحضور مؤتمر في كندا لمدة 3 أيام ويريد أن يترك لي رقم تليفون الفندق الذي سيكون به حتي أتصل به ان احتجت أي استفسار في موضوع رسالتي في هذه الفترة !!!!!

أما تجربتي الشخصية في جامعة أم القري والتي بدأت العمل بها منذ شهور قليلة... من المقررات الدراسية التي أقوم بتدريسها هذا الفصل الدراسي مادة "جغرافية الخدمات التعليمية باستخدام نظم المعلومات الجغرافية" ... في هذا المقرر يقوم كل طالب بنفسه بانشاء نظام معلومات جغرافي للمدارس في أحد أحياء مدينة مكة المكرمة... يبدأ الطالب بالحصول علي مرئية فضائية للحي ثم يأخذ جهاز Gps ويذهب للموقع للحصول علي احداثيات بعض النقط التي سيستخدمها لاتمام عملية الارجاع الجغرافي للمرئية.... ثم يبدأ في الترقيم من المرئية الفضائية للحصول علي خريطة رقمية لمنطقة الدراسة... بعد ذلك يحصل الطالب من ادارة التربية و التعليم بمكة المكرمة علي قائمة بأسماء و عناوين المدارس الموجودة في هذه المنطقة... ثم يذهب مرة أخري بجهاز Gps ليجري عملية رفع مساحي لموقع كل مدرسة وبعد ذلك يقوم بتوقيع جميع المدارس في نظام المعلومات الجغرافي الذي بناه.... ثم تأتي خطوات التحليل الاحصائي و المكاني للوصول الي مؤشرات احصائية لقياس كفاءة توزيع الخدمات التعليمية في منطقة الدراسة ومنها يمكن الوصول الي بعض التوصيات عن الحاجة الي انشاء مدارس جديدة في هذا الحي.

أعتقد أن مقرر بمثل هذا الاسلوب يجعل الطالب علي دراية لا بأس بها بنظم المعلومات الجغرافية ومعظم خطوات بناء نظام Gis وكيفية الاستفادة منه وليس فقط الحصول علي خرائط ذات ألوان زاهية..... أتمني أن يكون هذا المقرر خطوة جيدة في رفع المستوي التقني لخريجي شعبة التقنيات الجغرافية بقسم الجغرافيا بجامعة أم القري.... وياحبذا لو قام الزملاء في الجامعات الاخري بتطبيق نفس الاسلوب.... في مثل هذه الحالة سنعمل جميعا علي رفع مستويات خريجي جامعاتنا وهم فيما بعد سيعملون علي رفع المستوي التقني بصفة عامة في مجتمعاتنا الاسلامية

أستميحكم عذرا في هذه الرسالة الطويلة بعض الشئ

جمعة داود