أخي وابن بلدي عبد الناصر - وأسمك حبيب لقلبي لأسباب كثيرة - مداخلتك زادت همي. بالرغم من أنني غائب عن مصر منذ عدة أعوام إلا أن همومها حاضرة في قلبي وعقلي، وما أنتهى إليه المهندسين المتدربين في أوكرانيا علمت به وكنت قد توقعته منذ أن علمت أنهم يعملون بعقود مؤقته في الهيئة الموقرة، وغير ذلك من المأسي تبلغني بطريق أو بآخر فلا أملك إلا أن أقول حسبي الله ونعم الوكيل ليس لها من دون الله كاشفة.
تسألني إن كنت أعتقد في قدرتنا على صنع قمر صناعي؟ أقول لك: أي ورب البيت نستطيع. يا أخي الحبيب، لقد شاهدت رجالاً من مصر يقومون بإعادة تصنيع قطع غيار لكومبيوتر للطائرة F16 باستخدام أجهزة راديو وساعات رقمية، وطبيب شاب أنقذ حياة رجل بجراحة في المخ لا ستخراج مسمار طوله تسعة سنتيمترات بأدوات جراحية تعود إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، وطالب لم يتجاز الخامسة والعشرين يصنع جهاز ليزر لمعمل كليته باستخدام أدوات متاحة في أي RadioShack.
نعم نستطيع يا عبد الناصر، وبدون تدريب في أوكرانيا أو بيلا روسيا أو غيرهما.
منذ نحو ستة عشر عاماً حضرت محاضرة للمرحوم اللواء دكتور محمد عبد الله مأمون الذي تعرفه كل أكاديميات الطيران وعلوم الفضاء في العالم وتدرس من كتبه ولا يعرفه أهل بلده، كانت المحاضرة عن الـ Small Platforms وهي مباردة تقنية صممها الرجل وتهدف إلى وضع أقمار صناعية صغيرة في المدرا بتكلفة تتراوح ما بين مائة ألف وربع مليون دولار وقتها وكان يحاول جاهداً أن يقنع بها الدولة حتى تؤمن لنفسها الخبرات والتقنية اللازمة لهذا العصر. لقد مات الرجل كمداً لما أطلقت اسرائيل EROS 1A أول قمر صناعي يعمل بتقنية الـ Small Platforms.
هل لا زلت تسألني عما أعتقد. نعم نستطيع أن نفعلها وقد فعلها قبلنا الصينيين والهنود والاندونيسيين والماليزيين والإسرائيليين وغيرهم، فالامر ليس معجزة. فقط ما نحتاجه وصفة النجاح والتي أعتقد أن لدي شيء منها.
يجب أن يدير الموضوع متخصص محترف ليس سياسي وليس بيروقراطي.
يجب أن يتم الأمر بدون تضخيم إعلامي ولا تضخيم للعاملين، فنتيجة التضخيم أنك سوف تحصل على فقاعة سرعان ما سوف يفجرها كبرياءها.
يجب أن يكون معظم العاملين من الشباب الجريء الذي يسعى لأن يصنع اسم لمستقبله، أما كبار السن فهم لديهم اسمهم ولا حاجة لهم بمبادرات جريئة ولا مغامرات عقلية.
يجب ان تكون هناك خطة طويلة المدى محددة المعالم وتستهدف أهداف محددة يمكن التحقق من تنفيذها من عدمه.
يجب توفير ميزانية حقيقية مناسبة ومصممة لغرض المشروع وليس لغرض المكاتب الفاخرة ولا السيارات ذات الزجاج الأسود.
ويجب أن تكون هناك آلية مستقلة للمتابعة والرقابة والمحاسبة لمتابعة الأداء والتنفيذ.
وقبل كل ذلك يجب أن لا يستثمر المشروع لأغراض سياسية أو لصالح جماعات معينة.
نعم يا عبد الناصر، أعتقد أننا نستطيع أن نفعل ذلك وأكثر فأنا - صدق أو لا تصدق هذا شأنك - أؤمن بالمصريين