[align=justify]شكرًا للأستاذ فهد الأحمدي على تواصله مع هذا النادي "النواة" وعلى مشاركاته المركّزة المفيدة. ويسعدني أن نتحاور حول التّساؤلات التي ساقها، وأوّلها: "ما رأيك في دخول غير المختصين في العلوم الحديثة نسبيًّا (الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية) واستفادتهم منها في تخصصاتهم المختلفة كأدوات تساعدهم على إنجاز أعمالهم"؟

الجواب: لا أرى في دخول غير المختص في الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية إليها بأسًا إذا كان يعلم ما يريد، ويعلم كيف يحصل على ما يريد، بل إنَّني أرى الدخول إلى هذه التخصصات من غير المختصين فيها مؤشّر ذكاء وفطنة. ولهذا الرأي أسبابٌ، يكفينا منها هنا واحد نورده. أما ترانا نبحث في تخصصاتنا المتقاربة عن المعلومات المتناثرة في الطبيعة بمختلف أشكالها لنلمَّ بها ، ولنستخدمها في حلول ما ينجم من مشكلات، و في توفير ما يراد لنا توفيره من خدمات متنوَّعة كثيرة. أفليس من الحكمة أن نبحث عن تقنيات تمكننا من جلب هذ المعلومات إلى مكاتبنا لننظر إليها كلها في آن واحد، ونأخذ منها لبعضها، وننقحها، ونعالجها، ونستنتج منها ما نريد؛ فنكون بذلك وفرنا على أنفسنا كثيرًا من الجهد المبذول في الميدان، وكثيرًٍا من المال الذي ينفق في جمع معلومات يمكن الحصول عليها بتقنيات متقدّمة جيدة؟ أعلم أن العاقل لن يجيب بغير: "بلى إن من الحكمة فعل ذلك".

ويمكنني يا فهد أن أقول بطريقة أخرى: إن المرء إذا أتقن عملاً ما ظهرت له فيه ثغرات فيسعى إلى سدّ هذه الثغرات. وهذه السعي يقوده إلى تخصصات أخرى فلا تثريب عليه، وهو في سعيه مأجور بإذن الله، بل هذا الذي ينبغي عليه عمله، مادام يشعر أنَّه أهلٌ لذلك. ولا يفعل ذلك إلاَّ مبدع. أمَّا أن يحصر نفسه في مجال ضيّق ويرى أن حلول مشاكل النَّاس لا تكون إلاَّ من خلال هذا التخصص الذي حصر نفسه فيه، فهذا جهلٌ عميق.

إذا صح هذا يبقى تفاوت القدرات في الأخذ من هذه المعارف والتقنيات الجديدة؛ فواحد يوفقه الله إلى الدخول إليها من بابها، ويفلح في استثمار الوقت والمال في إتقان ما يمكنه إتقانه منها، ويبدع فيها إبداع أهلها المتخصصين وربما فاقهم. وواحدٌ يحوم حول الحمى ولمَّا يستطع دخوله بعد. وآخر لم يسمع في هذا الحمى ولا يريد أن يسمع به أصلاً.... وللنَّاس فيما يعشقون مذاهب.


هذا مدخل يقودنا إلى سؤالك الثاني بحول الله. دم بصحة وعافية ... والسلام عليكم.

ظافر بن علي القرني

الأربعاء 12/11/1426هـ[/align]