[align=justify]يقول الأستاذ فهد الأحمدي في سؤاله الثالث: ما هو تقييم الدكتور ظافر وملاحظاته -في هذه المرحلة الراهنة- على مشاركات وتجارب غير المختصين في نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد من خلال اطلاعه على إنتاجهم العلمي.


الجواب: من المعلوم أن نظم المعلومات الجغرافية ما أخذت في النهوض إلاَّ في الثمانينيات الميلادية من القرن المنصرم، ولو قلنا في النّصف الثاني منه لكان الكلام أكثر دقّة. وعلى هذا فكثيرٌ من المتخصصين المجيدين فيها اليوم في العالم كلّه تخرجوا في جامعاتهم قبل هذا التأريخ، أي أنَّهم لم يدرسوها دراسة متخصصة بمفهومنا السّائد، فيمكن أن يُقال لهم: "أنَّهم غير متخصصين"؛ ولكن الواقع يقول غير ذلك. فالمحك الحقيقي هو أمر غير التخصّص وسنأتي له بعد قليل في هذه الأسطر. نعم من النَّاس من دلف إلى نظم المعلومات الجغرافية من قرب، ومنهم من دلف إليها من بعد ... والميدان يسع الجميع والعبرة بما يُقدَّم لا بما يُقال.

ونظم المعلومات الجغرافية ووقبلها الاستشعار عن بعد كالأخطبوط له في كلّ إتجاه ذراع، فلا يظن من مسك بذراع منه في البحر أن غيره ليس قابضًا على ذراعه الآخر وبقوة. ولا يتفاجأ أحدٌ من القابضين عليه إذا ما تفلَّت منه لخصائص غريبة في تكوينه.

من هنا نقول إن المرء إذا استطاع أن يترقّى بنفسه في مدارج العلم بطرق منها ما ذُكر في إجابة السؤال السابق، كان من المتخصصين في علمه بقدر ما لديه من معرفة فيه.

والمعيار الحقيقي هو المقدرة على الإبداع. والإبداع لا يحصر على المتخصصين في مجال ما، حسب مفهومنا للتَّخصّص، بل قد يأتي غير المتخصص بالعجب، ويبقى المتخصّص خامل الذكر. ولو كانت الإبداعات رهينة التخصص ما كنَّا ننعم بكثير من معطيات التّقنية اليوم. ولعلّك توافقني أن من وجدت لدية الرّغبة في حقل من حقول المعرفة، ثمَّ سعى إلى تنمية قدراته فيه ولو بجهد ذاتي، فاق من تخصَّص فيه وهو مدفوعٌ إليه من غيره. والشّواهد على ما تقدَّم من قول كثيرة قد لا يكون من المناسب الاستطراد فيها.

وإذا كنت يا أخي فهد ترى نفسك من غير المتخصصين في مجال نظم المعلومات الجغرافية وروافدها، فإبداعاتك التي بدأت تدلف إلينا من هنا وهناك لا تؤيد هذا الإحساس؛ فسر على بركة الله في سبيل تقنية هي من أمتع التقنيات التي ابتكرها هذا العقل البشري المذهل الضعيف.


إلى اللّقاء...

ظافر بن علي القرني

الخميس 13/11/1426هـ.[/align]