-
مرفوع بالضمة (3)
[align=justify]تكلمنا فيما مضى عن ركنين مهمين من أركان التّعليم هما الكتاب والطّالب. وقلنا في الثّاني منها، ما معناه، أن حياة الطالب مع مدرسته حياة يشوبها ما يشوبها من جهل، فالمدرسة أصبحت له ولمعلمه بمثابة السجن إن لم تكن أشد. والظّاهر أن الطّالب لا يعرف ما له وما عليه من حقوق، وربما جهل ذلك المعلم قبله.
ونحن نطرح هنا رؤية عامة لا تلتفت إلى الاستثناءات القليلة، إذ أن هناك من المعلمين من هو على قدر عالٍ من المسؤولية، وهناك من الطّلاب الذي تتمنّى أن كلّ طلاّب المدارس مثله.
والآن نواصل الحديث مركزين على الركن الثالث من أركان التعليم ألا وهو المعلم. لقد أصبحنا اليوم في وضع نتبادل فيه الاتهامات دون طرح الحلول النّاجعة؛ فترى أهل التعليم العام يحاولون أن يلقوا باللأئمة على الجامعات لضعف المعلمين، والجامعات بدورها تقول هذه بضاعتكم رُدت إليكم. ودون الخوض في هذا الجانب فهو لا يجدي، نقول إن المعلّم لا يرى في حياته ما يجعله يُحسّن من مستواه، فهو إن بذل وأعطى كان كمن لا يبذل ولا يعطي سواء بسواء. فما الفرق بين المعلم الذي يستطيع أن يقرأ بلغةٍ سليمة، والمعلم الذي لا يستطيع قراءة سطر من كتاب ولو بلغةٍ مكسّرة؟ وما الفرق بين المعلّم الذي يعرف يكتب، والذي لا يعرف؟ بل ما الفرق بين المعلّم الذي يستطيع أن يربّي والذي لا يستطيع ولا يريد أن يستطيع؟ وما الفرق بين المعلّم الذي يسعى لتطوير نفسه والذي لا يسعى؟ لا ريب أنَّهم إخوان في الله وفي المدرسة؛ ..... وهذا سحق للعملية التّعليميّة والتربوية ومحق لها لن تقوم بعده، مهما بُذلت الحلول التّجميلية التي لا تعالج القضية من أصلها.
إذن لا بد أن تكون مكافأة النَّاس بحسب ما يبذلون بقدر المستطاع، وأقصد بالمكافأة الرَّاتب. وما يقال عن المدارس يقال عن غيرها من القطاعات الوظيفية الأخرى بما في ذلك الجامعات. بهذا يكون التّنافس الذي يقود إلى العطاء وإلى الرّقي بالأمة، وبغيره يبدو أننا نضرب في مهامه ليس بها أيات بينات يهتدي بها العابرون.
تحياتي للجميع ، وما زال الحديث متّصلاا. [/align]
أ. د. ظافر بن علي القرني
الثلاثاء 18/11/1426هـ
[movek=left]سِم سِمةً في الأرض تُحمد بها واحمد لمن أهدى ولو سِمسمةْ [/movek]
-
مرفوع بالضّمّة (4)
[align=justify]تكلمنا، من منظورٍ معين، عن مقومات التّعليم الثلاثة: الطالب والمدرّس والمنهج. وقصرنا النّقاش في المنهج على الكتاب لأنّه أهم مقوماته، ولم نتطرق للمنزل عند الحديث عن الطالب، ولا للمدرسة عند الحديث عن المدرس لكيلا يطول بنا المقام في هذا الموضوع المهم. ولا ريب أن كلاً منَّا يرى ما يعيشه منزله من بعثرة علمية، وما يعيشه مجتمعه منها؛ والسؤال الكبير الذي لا يخفى على متبصّر هو: "هل يعيش الطالب في بيئة صحية في منزله ومدرسته ومجتمعه؟" ونقصد بالبيئة الصّحية: البيئة الاجتماعية و البيئية الثقافية والبيئة النفسية ..... وغيرها. لعل الوقت أن يسعفنا فنناقش هذه في موقع آخر بإذن الله.
أمّا إجابة السؤال الثاني الذي ينصب حول ما نقترحه لإصلاح الوضع، فلعل الكلمات الماضية حوت ما يمكن أن يعتبر مدخلاً لحلول جذرية ضرورية. فالمناهج يجب أن تراعي مستويات المتعلِّم وقدراته، وأن تكون منطلقةً من بيئته التي يعيشها. والطالب لا بد أن يعرف والداه كيف يربيانه تربية قويمة وذلك بالسؤال عن مقومات التربية القويمة في عصر أصبحت المعلومات متاحة حتّى للأمّي من النَّاس. والمعلِّم لا بد أن يسعى إلى تربية نفسه بعد أن رشد وأن يجعل نصب عينيه عقاب الله الشديد لمن خان الأمانة.
ولنعلم إن الأمور إذا خلت من خوف الله ضاعت وتدهور المجتمع مهما سعى وبذل.
وأختم هذه الكلمات القليلة بمقالة أظنها للجاحظ، حيث سئل لماذا تكتبون للنّاس ما لا يفهم ؟ قال: لأنّا نعمل لغير وجه الله.
آثرت أن أبدأ بالطالب من صفوفه الأولى فسرعان ما ينتقل التلميذ من الصّف الأول الإبتدائي، إلى الصف الأول الجامعي خصوصًا في عصرنا هذا. وسأعود في المقالة الخامسة فأطرح بعض المقترحات التي قد تفيد الجامعة والطالب الجامعي والأستاذ في تحسين حال التعليم العالي والله تعالى أعلم.
أ. د. ظافر بن علي القرني
الأربعاء 19/11/1426هـ[/align]
-
مرفوع بالضّمّة (5)
[align=justify]الجامعة وما أدراك ما الجامعة؟
يأتي الطالب إليها بعتادٍ قليلٍ من العلم المبعثر ، وبحيرة شديدة لما ذكر ولغير ما ذكر من أسباب، فلا يخرج منها، في الغالب، إلاَّ بحيرة أشدّ من حيرة الدّخول. ولكي لا نخوض في غير ما نعرف أقصر ملاحظاتي على الكليات التي تعتمد الكتاب الأجنبي لها مرجعًا. فأقول بكلِّ اختصار إن من الطّلاب العدد الكثير الذي يدخل الكلية ويتخرج منها بعد خمس سنوات على أقل تقدير وهو لم يقتن كتابًا واحدًا من كتب مقرراتها الكثيرة. وهذه أول ركائز الفشل الذريع التي يركزها أمامه في حياته أينما ذهب. ولعدم إقتناء الكتاب أسباب منها، كونه غير متوفّرٍ أصلاً في الجامعة رغم إن قائمة الكتب المرغوب فيها تتجدّد كلّ عام من قبل أعضاء هيئة التّدريس. وقد يكون متوفّرًا لكن في طبعاتٍ قديمة تجاوزها الزّمن. ومنها عدم رغبة الطّالب في الكتاب لشعوره أنَّه لن يعرف منه شيئًا لضعفه في لغته. ومنها غلاء الكتاب مع أن الطالب لا يدفع سوى نصف قيمته؛ لكنها قد تصل مئتين ريال أو تزيد عنها. وقد يستطيع الأستاذ أن يدفع الطّالب إلى شراء الكتاب إلاّ َإذا قال: لا أملك قيمته؛ فإذا قالها ساد الصّمت القاعة، وخرج الكتاب من مسيرة التّعليم. ومنها عدم تشجيع بعض الأساتذة للطّلاب على إقتناء الكتب ومحاولة العودة إليها في المذاكرة. وزد على الأساب ما شئت. وسواء كانت الأسباب وجيهة أم لا، فالتّعليم بلا كتاب ضربٌ من العبث.
وقد يدخل الطّالب إلى الجامعة ويخرج منها وهو لم يدخل مكتبتها ليقرأ في كتابٍ أو مجلةٍ موضوعًا له صلة بتخصّصه. وقد يكون له العذر في ذلك لعدم وجود التشجيع من بعض المعلمين، ولأسبابٍ أخرى أطرحها في مكان آخر بحول الله. وسواء كان له عذر أم لم يكن له، فإنَّه عطّل وسيلةً مهمةً من وسائل التعليم، وعمّق خنادق الجهل في خلفيته العلمية وهو لا يدري.
ويمكننا أن نلحق المعامل العلمية بالمكتبات من حيث عدم الجدوى لأسباب كثيرة؛ أهمها جهل الطّالب بالحاسب الآلي وعدم قدرته على البرمجة بأي لغةٍ رغم كثرتها؛ وعدم كفاية التقنيات الموجودة، وخلو كثيرٍ من المعامل من القادرين على تشغيلها وصيانتها. وإذا عطب المعمل فلن تُجدي النظريات مهما تساقطت على الطّالب من كلّ اتجاه.
ومن الأسباب ركود مسيرة الإبتعاث منذ ما يقارب عقدين من الزّمن.
ولو واصلت في سرد الأسباب لخرجت بكتاب يسر الشَّامتين، ولكن فيما حصل الكفاية.
ومن المعلوم أن المشكلة إذا عُلمت سهل الحل، فلا داع لأن نقول الواجب أن نفعل كذا وأن نفعّل كذا ....
شكرًا لك يا فهد الأحمدي على سؤالك الذي أثار بعض الشجون .... وأذكر أن في موقعي اٌلشّبكي بحثًا أو بحثين حول مشاكل تعريب العلوم أو التَّعليم ووسائله؛ قد يكون فيها بعض التفصيل في أسباب ناقشتها في أول هذه الرّدود.
لك وللقراء جميعًا تحياتي
أ. د. ظافر بن علي القرني
الاثنين 24/11/1426هـ[/align]
[movek=right]
سِم سِمةً في الأرض تُحمد بها واحمد لمن أهدى ولو سمسمة [/movek]
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى