-
دور برنامج الهندسة المساحية في تغيير الصورة المعهودة
[align=justify]يقول سؤال الأستاذ الكريم فهد الأحمدي: بحكم عملكم كعضو هيئة تدريس بقسم الهندسة المساحية- هل تعتقد أن هذا القسم ساعد في تحسين صورة مفهوم علم المساحة بين طلبة الجامعة بخاصة وبين العامة بعامة أم أنه لا تزال النظرة محدودة وقاصرة وغير واضحة لدى الكثيرين?
استطيع أن أقول باختصار شديد أن برنامج الهندسة المساحية الذي أنشئ منذ عام 1408هـ في القسم المدني بجامعة الملك سعود ساعد كثيرًا في تحسين صورة مفهوم علم المساحة بين الطلبة وغيرهم من عامة النَّاس؛ وإن النظرة لم تزل محدودة وقاصرة وغير واضحة وستبقى كذلك لدى الكثيرين إلى أن يشاء الله غير ذلك. وهذا تضاد مفهوم عندنا، ولا ينطبق عليه قول أبي العلاء: "تناقضٌ ما لنا إلاّ السكوت له" ولذلك نقول: إنَّه إذا رُسمت صورة ما عن شيء ما في "التّأريخ" فإنّ "الجغرافيا" لا تستطيع تغيير تلك الصورة بيسر ولو جهدت. فعلى الرّغم من كون الهندسة المساحية علمًا في كلّ علم وتقنية في كلّ تقنية، وكون عينٌ منها على الأرض وعين في السّماء -كما سبق وإن أشرت في موقعي- فإنَّها تعاني من تصوّر النَّاس لها بأنَّها الشريط الذي يسحب على الأرصفة، أو ميزان التسوية الذي يقف وراءه عامل في هيئة رثّة، معتمرًا كوفية صفراء فاقع لونها لا تسر النّاظرين. هذا هو التَّصور الذي يحمله المثقّف من النَّاس وقد يأتيك غيره بأسوأ منه. فكيف يستطيع قسم صغير في زاوية من الأرض أن يغيّر هذه الصورة الممتدّة من الولايات المتّحدة الأمريكية إليها مرورًا بكلّ أقطار الأرض دون استثناء.
ألم تر أنّ كثيرًا من الأقسام المساحية في العالم عمدت إلى تغيير اسمها من مساحة إلى جيوماتك أو جيوماتكس (Geomatics) هروبًا من هذا التَّصور المنقوص. وإذا كان هذا التغيير ممكنًا في عالم لغته الإنجليزية أو ما ماثلها من لغات أوروبية، فإن نقله أو ترجمته إلى العربية أو استحداث مثله فيها يظلّ أمرًا صعبًا. فنحن إن نقلناه كما هو أصبح غير مفهوم للنَّاس، وربما وجدتنا نعود للقديم ولسان حلنا يقول: "حنانيك بعض الشّر أهون من بعض"؛ وإن ترجمناه صعبت ترجمته فهو مركّب من ثلاث تقنيات أو أكثر؛ وإن حاولنا أن نأتي بغيره كنَّا كمن يحاول أن يترجمه.
وقد كان يمكن لتخصص المساحة أن يأخذ صورة جيدة في أذهان النَّاس فهو جدير بها لأسباب منها كونه معروفًا من زمن بعيد بهذا الاسم ، وللعرب فيه، كما لغيرهم، إبداعات جميلة رائعة، وذا صلةٍ وثيقة بكل التّخصصات المعروفة في عالم اليوم؛ ولكن ما ندري كيف رُكّبت هذه الصّورة المشوّهة في عقول المثقفين من النَّاس وكيف نُقلت إلى العامة منهم، فكان ما كان من معاناة، والله المستعان.
أمَّا هل أسهم "القسم" في تحسين الصورة فلا ريب في ذلك، والدّليل ما نراه من نشاطات لخريجيه في كثيرٍ من القطاعات، وما نلمسه من سعي كثير من أصحاب التخصصات الأخرى للاستفادة من علومه وتقنياته ومعلوماته لأسباب وضَّحت بعضها في موقعي بشيء من التفصيل. ورغم كلّ هذا، فسيظل المفهوم قاصرًا كما هو، لقلّة المتأثرين وإن كثروا، قياسًا بالكثرة الغالبة ذات التصورات القديمة الرّاسخة في عقولهم رسوخ الجبال.
شكرًا لسؤالك المهم، ولك وللقراء تحياتي
ظافر بن علي القرني
السبت 14/12/1426هـ[/align]
[movek=right]سِم سمةً في الأرض تُحمد بها واحمد لمن أهدى ولو سمسمةْ[/movek]
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى